الرئيس السيسى قال كلاما مهما كثيرا فى لقائه مع رؤساء تحرير الصحف القومية أول من أمس ووجه رسائل فى عدة اتجاهات خارجية وداخلية، وربما كان تركيزه على الداخل بشكل أكبر، ما يلفت الانتباه إلى أهمية ما جاء فى حديث الرئيس هو التأكيد على العمل الجماعى، وهو ما يطالب به دائما منذ توليه منصب الرئاسة، فالمسؤولية مشتركة والاصطفاف الوطنى، ولم الشمل وإطفاء النيران السياسية والاجتماعية المشتعلة مهمة عاجلة للرئيس ولجميع الأطياف السياسية فى مصر، الرئيس هنا يتحدث مستوعبا التغييرات التى حدثت فى مصر من بعد 25 يناير والمتغيرات فى العالم سياسيا واجتماعيا وحتى تكنولوجيا، فمفهوم «الزعيم» و«المخلص» بالمعنى التقليدى فى زمن مضى لم تعد موجودة الآن فى عالم يفور بالثورات الاجتماعية والتكنولوجية وبحواجز اختفت من العالم الجديد، وطغى مفهوم التشاركية والعمل الجماعى والانتباه والاستماع إلى كل الأصوات فى المجتمع دون تجاهل أو «استخفاف»، فمشاكل مصر لن يقدر على حلها شخص واحد حتى لو كان الرئيس «الملهم والمحبوب والزعيم»، وإنما تحتاج إلى جهد جماعى ومنظومة إدارية قادرة على مواجهة القضايا بروح العصر ومتغيراته، فلا يعقل أن يفوق أداء الرئيس مثلا ويتجاوز أداء حكومته أو حتى من حوله، فالقوة هنا فى المسؤولية الجماعية من قوى المجتمع الحية، اجتماعية وثقافية وسياسية وإعلامية أو كما قال وغنى حليم «دى مسؤولية عزيزة عليا.. مافيش أنا فيه احنا يا صاحبى».
الخطوات المتسارعة التى يسير بها الرئيس السيسى للعبور السياسى والاقتصادى تستدعى من الجميع التوحد والبعد عن «هوامش الكلام» ومد الأيادى «للملمة الجراح» ومعالجة آثار ما خلفته الصراعات السياسية والانشقاقات فى السنوات الثلاثة الماضية ومحاولة شق الصف وزرع الفتنة بين فئة «الشباب القلقة» وبين الدولة الجديدة فى مصر بعد 30 يونيو.
وأظن أن هناك تجاوبا يلمسه كل من التقى الرئيس فى الآونة الأخيرة بشأن بعض القضايا والأزمات، خاصة «مسألة الشباب المحبوسين على ذمة قانون التظاهر»، وهى القضية الأثيرة والمفضلة عند بعض النخبة، والرجل تعهد بخروج أى برىء لم تثبت عليه تهمة، ووجه بتشكيل لجان لمراجعة حالات المقبوض عليهم.
نعود إلى أهمية الحديث عن المسؤولية الجماعية للرئيس وباقى قوى المجتمع، وهى الرسالة المهمة التى وجهها السيسى فى لقائه الأخير وفقا لنظرية عبدالحليم حافظ «مافيش أنا فيه احنا يا صاحبى»، لعل هناك من يستوعب ويفهم.