أنا ممن يقدرون الأستاذ أسامة الشيخ، فهو معروف عنه أنه صانع ماهر للقنوات الفضائية، وحاول قدر الإمكان تطوير التليفزيون المصرى فى الفترة التى تولى خلالها رئاسة اتحاد الإذاعة والتلفزيون قبل ثورة 25 يناير، وأنصفه القضاء فى الاتهامات التى نسبت إليه بعد الثورة، وقبل تبرئته من القضاء، شهد كل من تعامل من اليسار إلى اليمين بنزاهته ونظافته، بل وصل الأمر إلى تطوع بعض الزملاء الصحفيين إلى عمل حملات صحفية تنصفه وتشيد به.
أذكر هذه المقدمة كمدخل إلى مناقشة ما جاء فى حواره الصحفى أمس مع الزميلة «المصرى اليوم»، وإذا كان لديه الحق فيما ذكره بأن قيام يوسف القرضاوى بخطبة الجمعة الأولى فى ميدان التحرير بعد تنحى مبارك كان بمثابة تسليم البلد لجماعة الإخوان، فإنه لم يكن على حق أبدا فى تقييمه لمسألة تزوير انتخابات 2010 بقوله: «أعتقد أن بعض كوادر الداخلية والإدارة المحلية وأنصار المرشحين هم من اشتركوا فى التزوير، وأرى أن أحمد عز لم يكن له سيطرة على وزارة الداخلية وقتها، ومن ثم فلا مسؤولية مباشرة عليه».
والحقيقة أن هذا الرأى من «الشيخ» هو صدى صوت لما كان يبرر به الحزب الوطنى وأجهزة الدولة عملية تزوير الانتخابات التى اشتهر بها عصر مبارك، فالتزوير طبقا لوجهة نظرهم ما هو إلا بعض ممارسات من أنصار المرشحين، وأن أجهزة الدولة بريئة منه، وكأن هذه الأجهزة كانت وظيفتها الرئيسية فى الانتخابات هى الفرجة على إجراءات التزوير وعدم التدخل لوقفها.
الحق أن انتخابات 2010 كان التزوير فيها خطة أشرفت عليها كل أجهزة الدولة ومعها الحزب الوطنى ومهندسه الفعلى والقوى أحمد عز، وربما كانت الخلافات بين قيادات الحزب تكمن فى نسب التزوير، ففى حدود ما أعرف كان المخضرمون مثل صفوت الشريف وزكريا عزمى يرون ترك عدد معقول للمعارضة والمستقلين لزوم الديكور الديمقراطى، لكن تغلب نهج الاستئصال بقيادة الثلاثى جمال مبارك وأحمد عز وحبيب العادلى، وساعد على ذلك إلغاء الإشراف القضائى بعد دورتين انتخابيتين غسل فيهما النظام سمعته نسبيا.
لا يعقل بأى حال أن تكون نتيجة انتخابات 2010 لم ينجح أحد إلا الحزب الوطنى، ثم يؤول أمر التزوير للحزب إلى مجرد بعض كوادر الداخلية، والإدارة المحلية، فالحقيقة أن التزوير كان مخططا كبيرا ليس من المنطقى اختصاره على هؤلاء.