لدينا الكثير من النظريات يطرحها مفكرون ومنظرون ومخططون، مؤيدون ومعارضون، عن الدولة الفاشلة، أو الناجحة، والدولة الرخوة أو الحاسمة، وهى نظريات مستوردة، ومستعملة فى المؤتمرات الدولية، وداخل كتب كثيرة، ولدينا عشرات الأحزاب السياسية التى لاتكف عن الكلام والجدل، وإجراء انتخابات داخلية والتصارع على الكراسى والمناصب الحزبية، بينما تعجز عن المنافسة على المواقع الانتخابية، وفى نفس الوقت، فإننا نواجه هجوما كثيفا من الاختراعات والمخترعين، ولو صحت هذه الاختراعات لكنا أسعد أمة على وجه الأرض.
ومع أننا نعيش حالة من التنظير السياسى، والاختراعات العلمية، إلا أننا لا نجد من بين النظريات من يحدثنا عن طريقة لتنظيف الشوارع من الزبالة، أو تنظيم المرور، هناك كلام عام و«تحاليل» مكررة.
ومهما كان الحديث عن الدولة القوية أو الدولة الرخوة، فإننا أمام «دولة طرية»، التى تعجز عن تطبيق القانون، وتفشل فى بناء نظام حكم محلى يخلو من الفساد، وتحتاج الدولة الطرية دائما لرئيس الحكومة، يتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، لأن المحافظات والمراكز والمدن والقرى لا تعمل.
كانت حكومات الحزب الوطنى تتباهى بارتفاع نسبة النمو وتعجز عن مواجهة الزبالة فى الشوارع، وجاء نظام الإخوان وما زلنا نتذكر برنامج الـ100 يوم، ودعوات النظافة وبقيت الزبالة جبالا وأكواما، وحتى الآن بقيت القضية مستمرة، وكأنها تتحدى الجميع، حدث بعض التقدم فى مناطق مختلفة، ثم عادت القضية كما هى، ومعها إشغالات الطريق، وإغلاق الشوارع والأرصفة، وحوادث الطرق التى تقتل العشرات يوميا.
ومع كل حادث كبير تشد الحكومة «غربالها» وتتحدث عن تطبيق القانون على الجميع، وتجرى بروفات عن اختبارات مخدرات للسائقين، ولجان تراقب الطرق، ثم تعود ريما لعادتها وحوادثها وزبالتها. لا توجد محليات تطبق القانون وتخلى الشوارع والأرصفة، أو تراقب شركات النظافة وتعاقب من يلقى الزبالة فى الشوارع.
لدينا كل هؤلاء السياسيين والخبراء والمخترعين فى جميع المجالات، ونظل عاجزين عن مواجهة الزبالة وحوادث الطرق، مع أن المواطن يدفع ثمن جمع القمامة أكثر من مرة، بما يؤكد أن الموضوع ليس قضية إمكانات أو موازنات، ناهيك عن أن القمامة تمثل بشهادة الجميع ثروة يمكن أن تعاد تدويرها، وتمثل خامات لصناعات وتوفر فرص عمل، ونفس الأمر فى المرور، حيث العيوب معروفة والحلول مطروحة، والضحايا يتساقطون.
مهما كانت النظريات والاختراعات، فإن أمرا واحدا تثبته كل العصور، أن «الدولة الطرية» هى التى تعجز عن تطبيق القانون، وتنظيف الشوارع وتنظيم المرور.