هل تتخيل أنه يمكن رفع دعوى قضائية ضد أى شخص يسىء أو يزدرى تنظيم داعش استنادا إلى القانون المصرى، وممكن يكسب القضية؟! إسلام أبوالحسن مواطن مصرى تخرج من الأزهر قسم شريعة. الأخ إسلام له قناعاته الدينية الشخصية ويرى أن تنظيم داعش يمثل الإسلام الصحيح من وجهة نظره، وأنهم يتبعون تعاليم الإسلام بحذافيره، كما وردت فى القرآن والسنة «من وجهة نظره تانى»، وأن شيخ الإسلام ابن تيمية هو لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وبالتالى عقيدة داعش المستمدة من فكر ابن تيمية الذى تعلمه فى الأزهر هو الإسلام النقى من أية شوائب دنيوية، ويعتبر أن كل الآراء المخالفة لشيوخ وعلماء مسلمين ما هم إلا فقهاء السلطة وينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة، الأخ إسلام يعيش فى كابوس مزمن، فيرى الدولة على بكرة أبيها كسلطة سياسية وإعلام تحارب وتسب وتلعن وتزدرى داعش يوميا. ساءت حالته النفسية والصحية وأصيب بأزمة قلبية وقرر ألا يكون سلبيا. فقرر أن ينتقم من كل من يزدرى داعش من خلال شخصيات عامة مناهضة لداعش لكى يردع كل من تسول له نفسه ازدراء إحدى الطوائف المؤمنة، وهى داعش، اعتمادا على القانون المصرى فرفع دعوى قضائية ضد كل من الشيخ على جمعة المفتى السابق، ود. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، واتهمهما بازدراء داعش. فقد قال وزير الأوقاف: مقاومة داعش وأمثالهم واجب شرعى ووطنى وإنسانى، وقال الشيخ على جمعة إن داعش ما هو إلا نبت «شيطانى». واستند محامى إسلام أبوالحسن مقيم الدعوى على مادة لطيفة فى قانون العقوبات المصرى، وهى المادة «98» التى تنص على «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى»، محامى إسلام ركز على «الطوائف المنتمية إليها»، ولم يجد صعوبة كبيرة فى إثبات أن داعش هو إحدى الطوائف المنتمية إلى الدين الإسلامى كما أفحم القاضى للتدليل على ذلك ببيان رسمى للأزهر بعدم تكفير داعش لأنهم مؤمنين «لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه». وكان أن حكمت المحكمة حضوريا على كل من محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وعلى جمعة بالحبس خمس سنوات وغرامة ألف جنيه لكل منهما.
هذه القصة الهزلية التخيلية من الممكن أن تكون ترجمة لحالة الاستبيحس المجتمعى الذى نعيشه حاليا حينما يتعلق الموضوع بقصة الأديان! الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت تمت إحالتها لمحكمة الجنايات استنادا على هذا القانون الذى يستطيع تبرئة داعش! الأستاذ إبراهيم عيسى طالته دعاوى الحسبة وازدراء الأديان بسبب رأيه فى الثعبان الأقرع والتاريخ ملىء بقضايا هزلية «فرج فودة - نصر حامد أبوزيد - نوال السعداوى - حلمى سالم - علاء حامد - نجيب ساويرس» فاطمة ناعوت عبرت عن رأيها الشخصى النابع من حساسيتها لمنظر الدماء وتأثرها بفلسفات إنسانية ترفض قتل أى روح حيوانية. هى حرة.. هذا رأى شخصى تم تلبيسه بما هو معلوم من الدين بالضرورة. وجود هذه المادة التى تتناقض مع الدستور هى أحد البارادوكسات المصرية الصميمة فكيف يكفل الدستور حرية العقيدة والتعبير، ثم يعاقب كل من هو مختلف فكريا فى جزئية دينية وهل مثلا إذا لم أعتقد فى الناسخ والمنسوخ وقلت إنه هراء أحاكم بتهمة ازدراء الدين الإسلامى؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
جون
نحتاج مادة لتجريم الحض على الكراهية بدلاً من هذه المادة 98!
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق للحربة واحترام للاديان معا
الدولة المصرية فى حقيقنها العملية والتطبيقية دولة دينية حتى النخاع
عدد الردود 0
بواسطة:
عاشق للحربة واحترام للاديان معا
الدولة المصرية فى حقيقنها العملية والتطبيقية دولة دينية حتى النخاع
عدد الردود 0
بواسطة:
Tarek Saeed AbdRabbou
سلمت يمينك يا دكتور