وفقًا لقانون تقسيم الدوائر، يتشكل البرلمان من 540 نائبًا منتخبًا إضافة إلى 27 معينًا، بإجمالى 567، وهو رقم يعكس دلالات نوعية قد لا تهم المواطن البسيط، لكن حتمًا ستؤثر على البيئة التشريعية للبرلمان، وقدرته على مناقشة القضايا الخلافية، وطلبات الإحاطة والاستجوابات، فالعدد هو الأعلى فى تاريخ البرلمانات المصرية، فبرلمان 2012 كان عدد النواب 508، وفى برلمان 2010 كان 518، وفى برلمان 2005 كان 454.
القاسم فى البرلمانات الثلاثة السابقة أن كتلة الأغلبية- سواء الحزب الوطنى فى 2005، 2010، والإخوان فى 2012- كانت تسيطر على أعضائها، وتنظم طلبات «الكلمة»، وكان زعماء الأغلبية بامتداد البرلمانات الثلاثة- كمال الشاذلى فى 2005، وأحمد عز فى 2010، والإخوانى حسين إبراهيم فى -2012 يوجهون المئات من نوابهم بالموافقة أو بالرفض على قرارات المجلس، ويحددون مسبقًا من يتحدث هنا ومن يؤجل للغد، ويحددون أيضًا ميعاد مناقشة قضية قبل أخرى، وأولويات المناقشة من عدمها، وبالتالى تنتظم دورة عمل البرلمان، وتتحرك عجلته للأمام، وتتزايد حصيلة التشريعات يومًا بعد يوم، مقابل تحجيم المناقشات الكلامية التى لا جدوى منها سوى الشو الإعلامى. بهدوء.. فكّر معى فى شكل البرلمان المقبل، وفقًا لما يدور بالشارع السياسى من تخبط فى التحالفات، وفشل فى إعداد القوائم.. ليس هناك أى دلالات أولية عن حزب الأغلبية المرتقب، ولا حتى عن حزب المعارضة، ولا حتى الوجوه الحاكمة للبرلمان، وهو أمر يجسد خطرًا على البرلمان نفسه، وعلى الدولة بعد ذلك.. لماذا؟ لأن الـ567 المتضمنين أعدادًا كبيرة من المستقلين وقليلة من الحزبيين سيسعون جميعًا لطلب الكلمة والحديث، وسيسعون جميعًا لفرض أو طرح أفكارهم المتضاربة دون تنظيم مسبق، كما كان يجرى فى حزب الأغلبية، وستتطور نقاشاتهم عن أى تشريع قانونى لوجهات نظر، بعيدًا عن فكرة «اللى فاهم قانون يتكلم واللى مش فاهم يلزم الصمت».
مد الخط على استقامته، وفكر فى حال البرلمان إن قدّم كل عضو من الـ567 طلب إحاطة أو استجوابًا، ستكتشف أن البرلمان سيتحول من أداة للسلطة التشريعية إلى قاعة للحكى والجدال.
النتيجة هنا أن ما نشهده من تخبط فى الشارع قبل الانتخابات، سنشهد مضاعفاته مع الأشهر الأولى للبرلمان الجديد، بداية من المشهد الأول لأداء اليمين الدستورية، واختيار رئيس البرلمان، حتى أزمة تسمية رئيس الحكومة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة