تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه بشباب الإعلاميين والصحفيين، كما لم يتحدث من قبل، تكلم عن ملف المعتقلين، التظاهر، الإعلام المطبلاتى، عن تقبله للنقد البناء، تقبله لسماع الصوت المختلف مادام أنه يخدم مصلحة مصر مستقبلًا.
انطلاقًا من إعلان السيسى تقبل النقد، اسمح لى سيادة الرئيس أن أوجه إليك كلامًا من القلب، يحمل تساؤلات متأخرة، تحتاج لإجابات عاجلة..
1 - الأشهر الـ6 الأولى من حكمك شهدت صمتًا منك عن عدد من القضايا الجدلية التى تطورت فيما بعد من كونها طرح شاذ، إلى معركة فكرية تحتل المرتبة الأولى من الإعلام والصحف، ومثال عليها قضية يناير «ثورة أم مؤامرة»، والداعون لها «نشطاء أم عملاء»، وانتقادى هنا أن مؤسسة الرئاسة التزمت الصمت غير المبرر، ولم تكن هناك أى إشارات أو رسائل خفية من قريب أو من بعيد لمشعلى هذه القضايا الخلافية كى يتوقفوا.
2 - أزمة الصمت سيادة الرئيس تزامن معها التأخر فى إصدار القرار، وظهور مؤسسة الرئاسة كما لو أنها غير حاسمة فى القضايا الجدلية، أو مستمعة بالمشاهدة عن بعد رغم أنها فقط من تمتلك مفاتيح اللعبة، وحتى عندما تدخلت مؤسسة الرئاسة، كان التدخل بقانون يمنع سب ثورتى يناير ويونيو، وهو قانون شريف فى مقصده، لكن تخيل أن أول نتيجة إيجابية له أن المواطن معرض للحبس أو الغرامة إن تلفظ بأى قول على الثورتين.. قد يظن البعض انى اتعارض مع نفسى، مع ما طلبته مسبقاً من حماية لثورة يناير.. نعم طالبت ذلك ولكن حماية للفكرة.. للقيمة.. للجوهر، ليس حماية «التحصين» أو حماية بالقانون الذى سيطعن عليه حتما بعدم الدستورية.
3 - وصلنا إلى هذه الحالة سيادة الرئيس، لأن مؤسسة الرئاسة لم تضع تعريفات محددة لمشاهد فى الماضى، حاكمة فى صناعة المستقبل، من بينها ثورة يناير والمؤامرة، رأى السيسى فى أداء مبارك، عودة رموز الوطنى للمشهد.. أعلم تمامًا أنك أجبت عنها فى لقاء شباب الإعلاميين، ولكن نصيحتى أن تؤكد عليها مجددًا لإنهاء أى جدل بشأنها قد يعطل مصر الجديدة.
4 - لا يمكن بأى حال عدم مناقشة غياب الرؤية السياسية لمؤسسة الرئاسة الأشهر الماضية، وعدم إعلانها واضحة، فمثلا حتى الآن لا يوجد مستشار سياسى للرئيس رغم أهميته القصوى فى إطار «العك» بين الأحزاب والتحالفات فى الشارع السياسى، وحتى الآن لم يحسم الرئيس نهائيًا موقفه من الظهير السياسى.. فى لقاءات سابقة مع الصحفيين قال إنه يرفض الفكرة، وفى لقاء شباب الإعلاميين قال إنه لا يمانع.. إذن ما الرؤية السياسية؟.. بصراحة، الرؤية غير واضحة، أضف إليها أيضًا ما رأى الرئيس فى تقسيم الدوائر الانتخابية، هل الأفضل من وجهة نظره الفردى أم القائمة؟.. حقيقة لا أعلم.
5 - سيادة الرئيس، لا يشغلنى فقط عدم وجود مستشار سياسى لك، لكن يشغلنى عدم إعلانك حتى الآن عن طاقمك الرئاسى، فريقك الاستشارى، سيادتك أعلنت عن أحمد جمال الدين للإرهاب، وفايزة أبوالنجا للأمن القومى، لكن من يشاركك التفكير فى حال الاقتصاد المصرى وطرق إصلاحه، من يعرض على سيادتك تجارب دولية لمشروعات استثمارية عالمية من الممكن تنفيذها الفترة المقبلة فى مصر.. سيادة الرئيس مستشاروك هم عنوان مستقبلك فى فترة حكمك، تأخرك فى الإعلان، وتأخرك فى حسم ملف المستشارين لا يفيد مصر أبدًا.
6 - لم يكن لك سيادة الرئيس مشروع انتخابى واضح، بمعنى كتيب يحمل تصوراتك واستراتيجية للمستقبل، ولكن كان لك طرح مختلف فى التعامل مع الملفات والأزمات فى الدولة.. بعد 3 أيام ستكمل 6 أشهر بالتمام والكمال فى حكم مصر، وهو ما يدفعنا لسؤال ضرورى: ما رؤيتك نحو الإصلاح الإدارى الحقيقى لجهاز الدولة بداية من أقل موظف حتى وكيل الوزارة؟، خاصة أن الفترة الماضية شهدت أخطاء فى الجهاز الإدارى، مثل حادث البحيرة، تتحمل المسؤولية السياسية عنها حكومتك، إضافة إلى أخطاء أخرى من نوعية قرارات إرضاء الرئيس، وواقعة عايدة سعودى فى راديو هيتس نموذجًا.
7 - سيادة الرئيس لى أيضًا سؤالان عن ملف التأمين الصحى، وملف العشوائيات والقرى الفقيرة، وكلاهما مشاكل تهم ملايين المصريين «اللى تحت»، حتى الآن لم نر دلالات نحو تطور الأداء فى الملفين، حتى الآن مازالت المنظومة الصحية فى المستشفيات الحكومية «بعافية»، وحتى الآن لم نر أى بشارة لسعى الحكومة إلى حل مشاكل العشوائيات والقرى الفقيرة فى مصر.. أشهد باهتمامك بملف «سوفالدى»، وبمشروع اقتصادى كبير «قناة السويس الجديدة»، ولكن العشوائيات والتأمين «ما انضربش فيهم مفك».
سيادة الرئيس، تحدثت بنقد موضوعى لملاحظاتى عن أداء الرئاسة والحكومة، وتأخر التفاعل مع قضايا عالقة فى الدولة المصرية، إيمانًا بأنك لا تحمل همّ مصر وحدك، وانما نشاركك أيضًا بـ«النقد البناء» الذى أعلنت عن تقبله.
فهل تتقبل النقد سيادة الرئيس؟