تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الأيام بمرور 43 عاما على إعلان دولة الاتحاد فى 2 ديسمبر 1971 الذى أقامها المؤسس الأول للدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وباقى حكام الإمارات فى ذلك الوقت.
الإمارات تحولت فى وقت قصير من دولة صحراوية إلى دولة نموذج فى الرقى والتقدم والبناء والعمران ونموذج أيضا للتسامح الإنسانى والحضارى لكل الجنسيات التى تعيش على أرضها، وأصبحت مضرب الأمثال لكثير من الدول فى المنطقة فى كيفية مواجهة التحديات الصعبة وفى تحقيق التنمية والتقدم فى مجالات كثيرة، والقضية ليست فقط فى الوفرة والنفط وإنما فى التخطيط والإرادة وتوظيف الثروة فى بناء الدولة، وعشنا نماذج للسلطة فى الوطن العربى أهدرت ثروات أمتها وتركت شعوبها تعانى الفقر والجهل والمرض.
فى رأيى أن المناسبة فقط ليست احتفالية وإنما دعوة للتأمل فى التجربة الوحدوية للإمارات، فقد نشأت الدولة بعد سنوات قليلة من هزيمة 5 يونيو 67 وتصور البعض أن المشروع القومى والمشروع الناصرى قد سقط وتحطم ولم يتبقَ منه سوى أوهام وأن مشروع الوحدة قد ذهب إلى غير رجعه مع هزيمة يونيو.
وسط هذا الركام من التشاؤم والانكسار والحزن واليأس وتخلى بعض رموز النخبة السياسية والثقافية فى مصر والوطن العربى عن فكرة الوحدة كما نادى بها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كان هناك على أقصى طرف الخليج العربى من يتمسك بالأمل فى مواجهة حالة اليأس ويعلن دولة وحدوية جديدة فى مواجهة دعوات التشرذم والتفتت وعدم الإيمان واليقين بفكرة الوحدة، كان الشيخ زايد بن سلطان يسعى إلى الحلم فى مواجهة ما ظنه البعض مستحيلا، مع باقى إخوانه فى الإمارات الأخرى والتقت الإرادة مع الحلم وبعد 4 سنوات من الهزيمة بزغ حلم الدولة الاتحادية فى الإمارات كشعاع ساطع يهتك ستائر اليأس والهزيمة، وأعلن الشيخ زايد للعالم عن دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذه عبقرية اتحاد الإمارات وأهمية الاحتفال به الآن. وفى ظل تحديات تواجه الوطن العربى وتعرض دول تقليدية وقديمة فيه إلى التفتت والانقسام إلى دويلات صغيرة تحافظ الإمارات على قوتها وتماسكها وهذا هو سر النجاح الحقيقى لهذه الدولة التى باتت مقياسا للنجاح وللتحدى والإرادة فى بناء الأوطان ورقيها وتقدمها.
