فى السنوات الأخيرة من حكم حسنى مبارك كانت هناك مؤشرات كثيرة على اتجاه للدفع بجمال مبارك، وكان هو الموجود فى الصورة، على العكس مما يصر مبارك على القول بأنه كان وهما وأن الأمريكان هم من روجوا ذلك، وخلال السنوات الخمس الأخيرة من حكم مبارك قامت الحركة المصرية من أجل التغيير «كفاية» وكان شعارها «ضد التمديد والتوريث»، وحولها كانت صحف ومطبوعات تعلن رفض التوريث والتمديد، وتطالب بطريق واضح لانتقال السلطة بعد انتخابات 2005، لأن مبارك ترك الأمر غامضا ومفتوحا، ولم يكن يقدم إجابات واضحة، وكان خبيرا فى المراوغة بهذا الشأن، فقد برر ظهور جمال وتصدره بأن «ابنى بيساعدنى» ثم كان يجيب «يعنى أدى ابنى خرابة.. يعنى أوديه النار.. حكم البلد صعب»، ومع هذا فقد كان مبارك يتحرك خارجيا وداخليا، ويسيطر على الحزب الوطنى فيما عرف بالحرس الجديد، ويطيح بالقديم.
كان واضحا بلا أى التباس أن جمال هو الذى فى الصورة ومعه والدته، وأحمد عز، وكانت هناك صحف تدعم كفاية وترفض التوريث، وأيضا التمديد، وارتفعت مطالب كثيرة بأن يتم تعديل الدستور لتكون الفترة الأخيرة لمبارك، كانت «كفاية» لا تطالب فقط برفض التوريث لكن بتحديد خطوط واضحة لنقل السلطة، وتم تجاهل كل هذا، والسير نحو الانتخابات الأخيرة التى كانت القشة التى قصمت ظهر البعير.
وجود مبارك الأب ومعه جمال، صنع نوعا من الجهد المزدوج لبعض المنافقين، ممن كانوا يحرصون على التقرب من مبارك ومعه السلطات الدستورية، وأيضا يتقربون من جمال باعتباره الرجل القادم، ومن المفارقات أن بعض الإعلاميين ممن عملوا فى حملة ترشيح مبارك 2005، كانوا ينتظمون فى حملات جمال مبارك، وينتظرون إشارة البدء، والمفارقة الكبرى أن بعض هؤلاء قدموا أنفسهم باعتبارهم كانوا يعارضون مبارك والحزب الوطنى.
كانت المعارضة واضحة فى « كفاية» وغيرها، وكان هناك نوع آخر من المعارضين ممن يعارضون مبارك وجمال، باعتبار أنهم ليسوا من رجالهم، وكان هناك نمط من الكتاب والإعلاميين والسياسيين والأكاديميين يهاجمون وينتقدون مبارك «لأنه لايحسن اختيار معاونيه»، فى إشارة لكونهم أحق من غيرهم، كان هؤلاء يمثلون ما أطلقت عليه «النفاق المقارن»، لأنهم فى الظاهر معارضون، وفى الحقيقة طامحون إلى مناصب أو إلى أن يكونوا من رجال مبارك وجمال، وعندما تم استبعادهم عارضوا، وكان عدد من هؤلاء قد ركب موجات الثورية، وما زال هؤلاء يشكلون قطاعا يجلس فى المعارضة، لأنه مستبعد من الصورة.