قاعدة اقتصادية أساسية يعرفها خبراء الاقتصاد، وهى أن الفساد هو العدو الأول للتنمية فى أى بلد، وأنه لا يمكن تحقيق معدلات نمو وتنمية حقيقية فى ظل سرطان الفساد المستشرى فى المجتمع، وإلا فسيجنى ثمار هذا النمو المحاسيب وكبار رجال السلطة ومن حولهم، مثلما حصل فى عهد نظام مبارك. فلا يمكن إنكار أن مصر فى الفترة من 1999 حتى 2005 حققت معدلات تنمية كبيرة، لكن عائدها حصده عائلات البيزنس فى النظام الأسبق ولم يشعر به الغالبية الساحقة من الشعب.
لكن ما مناسبة هذا الكلام..؟
المناسبة هى صدور مؤشر مدركات الفساد العالمى عن منظمة الشفافية فى الأسبوع الماضى، وحصول مصر على المركز 94 فى المؤشر وتقدمها 20 مركزا عن العام الماضى واحتلالها الترتيب 114 بما يعنى أن هناك خطوات على الأرض تقوم بها الحكومة لمواجهه الفساد الذى وصفه ذات يوم زكريا عزمى رئيس ديوان رئاسة الجمهورية الأسبق بأنه «وصل للركب فى المحليات»، ولكن هل هذا يكفى؟ قد نسعد قليلا بالترتيب الجديد، إنما ذلك لا يعنى أننا وصلنا إلى ما نرجوه ونطالب به وأن مكافحة الفساد فى مصر الذى يعشش فى كل ركن من مؤسسات الدولة طوال أكثر من 30 عامًا يحتاج إلى مجهود كبير. الرئيس السيسى فى لقاءاته الأخيرة وخاصة لقاءه مع شباب الإعلاميين أكد على الأولوية فى مواجهه الفساد فى مؤسسات الدولة. والأمر لا يحتاج إلى مجهود كبير لمعرفة أين يسكن الفساد المالى والإدارى، فالكل يعرف أن الفساد يسكن فى السفح فى عمق الجهاز البيروقراطى المترهل، وفى المحليات تحديدا التى تقاوم أى قوانين وقرارات لمكافحة الفساد وتحجيمه.
والبداية الحقيقية للحرب على الفساد تبدأ من القاع بقوانين وتشريعات من القمة، وهنا القمة والممثلة فى الرئيس والحكومة عليها الإسراع بتفعيل المواد الدستورية بشأن التزام الدولة بمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، وإعلان الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والإسراع فى تشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد أيضا، ووضع آليات رقابية ذات اختصاصات واضحة، ودمج كل أجهزة الرقابة المتعددة فى جهاز واحد. إجراءات كثيرة وخطوات عملية جادة علينا أن نتخذها إذا كنا جادين فى تحقيق التنمية الشاملة التى يستفيد منها الغالبية العظمى من الشعب، وتشجع رؤوس الأموال العربية والأجنبية على الاستثمار فى مصر من دون تردد وخوف من غول الفساد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة