نبيل شرف الدين

ثورات وأصنام

الثلاثاء، 09 ديسمبر 2014 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدثتنى نفسى «الأمارة بالسوء» بالإسراع بكتابة مقال عن ثورتى 25 يناير و30 يونيو قبيل إقرار قانون «تجريم الإساءة» للثورتين، رغم يقينى بأن القانون المرتقب سيصطدم بالدستور، لأنه يكبل حرية التعبير، فضلاً عن هواجسى بعدم إمكانية تطبيقه عمليًا، لأننا سنضطر مثلاً لملاحقة ملايين المشاركين بشبكات التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت، ناهيك عن الصحفيين والإعلاميين والسياسيين وغيرهم، جذور الأزمة بدأت بحركة الضباط عام 1952 التى سموها فى البداية «الحركة المباركة» حتى تفتق ذهن عرّابها الأستاذ هيكل بتخريجة تصفها بأنها «انقلاب تحول لثورة بإرادة شعبية» رغم أنها بتقدير مؤرخين ومفكرين كبار «انقلاب مكتمل الأركان»، تبنى «ميثاق البكباشية» والدساتير اللاحقة تحويل الانقلاب المشؤوم لثورة وحولوه لصنم يجعل مناقشته جريمة، وكأنما التاريخ يُعيد نفسه بصورة أبشع حين نجعل «وقائع جدلية» انقسم حولها الشعب باستقطاب عميق لصنم جديد، يكرس لفاشية يحميها القانون الذى سيحمل بطياته «عوارًا دستوريًا» مهما اجتهد «ترزية القوانين» لمحاولة تمريره، فنصوص الدستور الحالى «قطعية الدلالة والثبوت» بشأن حماية حرية التعبير، فضلاً عن أنه لن يحاصر الاستقطاب السياسى والاجتماعى، بل سيعمقه، ويثير جدلاً اشتعل بالفعل، وبالتالى فلماذا نتجاهل الدستور وقانون العقوبات لنصنع صنما مقدسًا لوقائع مازالت ملابساتها غامضة، ويوميًا تتكشف معلومات وشهادات بشأنها، ناهيك عما فى بطون أطراف آثرت الصمت لتعبر البلاد المرحلة الانتقالية بسلام؟!
كنت أتصور أن صلتنا بمنظومة السلطة بالجمهورية الجديدة «علاقة شراكة» انطلاقًا من قناعة مفادها تحول فى وجدان ووعى المصريين بعدما دفعوا «ضريبة الدم» واحتشدوا لإطاحة نظام مبارك الفاسد المُستبد، وحكم الإخوان الفاشيين، لنراهن على مسار وطنى خلف الرئيس السيسى الذى أحببناه وفوضناه وانتخبناه واحترمنا انحيازه لإرادة شعبه ومازلنا ندعمه لبناء «جمهورية جديدة» تُعلى راية العدل وتحترم القانون والحريات العامة والشخصية، لكن دعونا نتكاشف بصراحة بأننا نشاهد «جوقة المنافقين» تنصب نفسها كأنهم «وكلاء حصريون» للوطنية، وتهميش شخصيات احترمت نفسها وفضلت الابتعاد طواعية، واستخدمت أخرى لأدوار محددة واستُبعدت لصالح «الموعودين»، فتركت بنفوس شخصيات وطنية مراراتٍ ابتلعوها بصمت إعلاء للصالح العام، ولا يبقى سوى مخاطبتكم: سيدى الرئيس مازلنا وسنبقى ظهيرك الشعبى والإعلامى، واثقين أنك ستستمع للجميع، فمصلحة الوطن تقتضى إعادة تقييم المواقف وأقدار الرجال بشجاعة عهدناها فيكم، فالحكمة ضالة المؤمن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة