هناك عدد من رجال القضاء والمحللين النفسيين يؤكدون أنه عندما يتم سؤال أحد الشباب المنحرف عن فكرة الجريمة فإن الإجابة تكون (من رواية بوليسية) أو من برنامج فى التليفزيون أو من فيلم سينما، وطبعاً هذا يؤكد وجهة نظر هؤلاء من أن هناك تأثيراً لهذه الأدوات الإعلامية على انحراف الأطفال.. ولكن هناك عدداً آخر من الأخصائيين النفسيين الذين يرفضون أن يسيروا مع هذا التيار إلى النهاية.. ويعترف هؤلاء بأن بعض ما يراه الأطفال فى التليفزيون أو يقرأونه فى مجلات الأطفال أو يشاهدونه فى السينما، كل ذلك يؤثر بشكل أو بآخر فى بعض الأطفال لكنه لا يؤثر فى معظم الأطفال.
إن الطفل الذى يملك استعداداً للانحراف قد يلتقط فكرة الجريمة فى مثل هذه الوسائل الإعلامية ولكن الطفل الطبيعى لا يمكن أن يتحول إلى الانحراف والقتل مهما قرأ من أمثال هذه الكتب أو شاهد من أمثال هذه الروايات أن الأبوين اللذين يرتبطان معاً بالحب لا تواجههما مشكلة من هذا النوع، لأن الابن ينشأ على الحب وعلى الفهم ويتكون ضميره بصورة حية. لكن ماذا عن الطفل عندما يكبر ويبدأ فى الاستقلال التدريجى عن والديه؟ أنه يتأثر بجو المدرسة والزملاء والآباء وأمهات أصدقائه وأقاربه والمجتمع المحيط به.. وقيم المراهق لا تتغير كثيراً عن قيم أسرته رغم أن المراهق يميل إلى التمرد ويرغب فى تقليد أصدقائه ولكن علينا أيضاً أن نذكر أن المراهق يختار أصدقاءه من دائرة الناس الذين فى مثل مستواه الاقتصادى والاجتماعى. إننا ننسى عندما نغرق فى القلق أننا نحن الأجيال القديمة قد سمعنا أن آلاف الحكايات كانت السبب فى الأحلام المزعجة. ولكنى أريد هنا أن أضع حداً فاصلاً بين ما يمكن أن تحكيه الأم لطفلها وهو مجرد كلمات وبين ما يمكن أن يراه الطفل على الشاشـة. وأريد أن أؤكد هنا موقف الآباء والأمهات أمام الأدوات الإعلامية التى تنحرف عن رسالتها وتدمر نفسية المجتمع ببطء، إن هذا الموقف هو الذى يحدد مدى تأثر الطفل بهذه الأشياء التى يراها أو يقرأها إن على كل أسرة أن تدقق وتميز بين ما يمكن أن يراه الأطفال وبين ما يجب أن يمنعوا الأطفال من رؤيته.. إن احتقار الوالد البرامج التليفزيونية ينقل إلى ابنه بحيث يصبح موقفاً للابن من هذا البرنامج.. إن الابن يتعالى بدوره عن مشاهدة أى شىء لا يرضى عنه والده.. وكذلك الأمر بالنسبة للبنت.. والأب عندما يرفض بهدوء وإصرار إحدى المجلات السيئة التى تفسد الابن فإن الابن سيقلد والده.. لكن هناك مناقشة تحدث فى الأسرة عندما ترفض الأسرة أن تسمح للطفل بأن يرى برنامجاً معيناً من برامج التليفزيون فإن الطفل قد يعترض ويقول فى غضب (إن هذا البرنامج من أروع البرامج وآباء أصدقائى يسمحون لهم بمشاهدته فلماذا تعترضون دون داع على مشاهدته؟) والآباء الذين يتمتعون بقوة إرادة يمكنهم أن يرفضوا هذا المنطق ويستطيعون فرض إرادتهم على الأبناء ولكن بشرط أن يكون ذلك من خلال المناقشة الهادئة المقنعة، وتحضرنى هنا مقولة للمستشار محمد فواز رئيس مجلس إدارة التحالف المدنى وجمعية العفو المصرية لحقوق الإنسان: إن هذا الزمان الذى نعيش فيه ازدحم بالآراء المتضاربة فى فنون التربية سواء بين علماء النفس أو بين المستوى الاقتصادى المتغير بالنسبة للأسرة.. إن الآباء يقعون فى التردد والحيرة من كثرة هذه الآراء المتضاربة.. لكن عندما يناقش الأب نفسه ويقتنع بما هو صواب فعليه أن يقنع به الابن بالمناقشة الهادئة المقنعة.
فـوزى فهمـى غنيــم يكتب: المناقشة الهادئة هى الحل
الثلاثاء، 09 ديسمبر 2014 04:00 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة