يتحدثون فى سوريا اليوم عن سرقة الكنوز التاريخية ونهب المتاحف فى كل أرجاء سوريا إلا أن أحدا لم يوجه الاتهام إلى أحد بشكل محدد، فيقولون تارة إنهم عصابات آثار وتجار آثار، ويقولون تارة أخرى حول دخول تكنولوجيا متطورة لسرقة المخطوطات والآثار والكنوز، بالإضافة إلى العديد من محفوظات مؤسسات الدولة والأرشيف الخاص بالوزارات الهامة، علمًا أنّ ذلك يتم بمساعدة الأقمار الصناعية حول تحديد المراكز والمواقع بدقة عالية.
ويقول أحد الأصدقاء السوريين «فى الواقع هناك ثلاث مجموعات مشتركة ومستفيدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من سرقة هذا التاريخ، وهذه المجموعات تختلف باختلاف ذهنيتها وهدفها النهائى لهذه العمليات، المجموعة الأولى: وهى المستفيدة ماديًا من هذه السرقات وهى أحطّ تلك المجموعات لأنها تخون وطنها وتسمح بانتهاك تراثه وكنوزه ومحو تاريخه مقابل أجور مالية، وهؤلاء محصورون داخل الجيش الحر، المجموعة الثانية: وهى المستفيدة «دينيا» وهى المجموعة السلفية الدينية التى تروج أنّ هذه الآثار معادية للإسلام والشريعة، فهى عبارة عن أصنام يجب تحطيمها والتخلص منها وهدمها كى لا يعمد الناس إلى عبادتها، وهذا ما حدث سابقًا فى أفغانستان من خلال تدمير تماثيل بوذا على أيدى جماعة «طالبان»، وكما حدث فى تونس بعد استلام حزب النهضة «الإسلامى» للسلطة، وتم هدم بعض التراث التونسى من قبل أتباعه، وهذه المجموعات «الجهادية» قد وجدت فى سرقة هذا التراث وبيعه مصدرًا لتمويلها من سلاح ورواتب كما ذكرت مجلة «التايم» الأمريكية»، وكما حدث فى العراق عندما سرقت القوات الأمريكية والبريطانية أكثر من 80 ألف قطعة أثرية أثناء خروجها، كما نقلت الأرشيف اليهودى كاملاً من قبو داخل دائرة الاستخبارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية وسلمته إلى «إسرائيل»، وقد أضاف «الثوار» السوريون الأشاوس إلى «كفاحهم» جهادا مقدسا لسرقة ونهب كل ما يستطيعون من تراث عظيم للشعب السورى وبيعه من أجل تمويل «جهودهم، وتقرأ لواحد من «الجهاديين/اللصوص» اسمه «جهاد أبو سعود» قوله: «فى بعض الأيام، نكون مقاتلين، وفى أيام أخرى، نكون منقبين عن آثار»، ويزعم أنه اكتشف مؤخرا ألواحا فى مدينة إبلا، تعود للعصر البرونزى عليها نقوش باللغة السومرية.
ومع اقتراب الحرب الدائرة فى سوريا من عامها الثالث، تحذر الأمم المتحدة ومنادون بالحفاظ على الآثار القديمة، من أن تواجه المواقع التاريخية فى سوريا تهديدا جديدا أكثر خطورة يتمثل بشبكة معقدة من المهربين وتجار الآثار يتزعمهم أعضاء فى «الثورة» التى يعوزها المال، يتطلعون إلى استغلال الثروات الثقافية للدولة، وليس من المعروف حجم هذه التجارة نظرا لصعوبات الوصول إلى المواقع التاريخية فى سوريا التى مزقت الحرب الأهلية أوصالها، وأفادت رابطة حماية الآثار التاريخية السورية التى تتخذ من فرنسا مقرا لها بأنه قد تم نهب اثنى عشر من إجمالى ستة وثلاثين متحفا فى الدولة، ومع ذلك، فإنه فى تقرير صدر يوم 22 يناير ذكرت المديرية السورية العامة للآثار والمتاحف أنه قد تم إحصاء معظم الآثار ونقلها إلى مواقع آمنة.
المواقع الأثرية بحسب تقرير الحكومة، كانت عرضة لـ«عدة» عمليات تخريب متعمد للممتلكات وتنقيب غير قانونية، وفى مقال له يكتب الكاتب الفلسطينى الكبير رشاد أبوشاور «هل ملاحقة المتاجرين بالآثار السورية جديّة؟.. لماذا لا يتوقف الأثريون العرب، والمؤرخون، والكتاب، والمثقفون المعنيون، عند هذه الجريمة.. نحن أمة مستباحة، وبعض أبنائها، وهم جهلة وبلا ضمائر، يسهمون مع أعدائها فى مضاعفة استباحتها»، فهل من مجيب؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة