يخرج مؤيدو الإخوان فى تظاهرات شبه يومية منذ عزل الرئيس مرسى، ورغم تراجع تلك المظاهرات بسبب أن الحراك الشعبى عادة ما يبدأ كثيفا ثم تتراجع قدرته على الحشد رويدا رويدا، إلا أن الإخوان المسلمين وتحالفهم الوطنى يعتبرون أن تلك هى وسيلتهم الوحيدة للضغط على النظام السياسى، ومن ثم فإنهم يبالغون فى تقدير تأثيرها.
صحيح أن الإخوان المسلمين قد طردوا من الحكم لكنهم لا يزالون جزءا مؤثرا من المعادلة السياسية فى مصر، فهم قد كشفوا عن إصرار وعناد فى الخروج المتكرر للشارع بلا هوادة، رغم تعرض أتباعهم للقمع والقتل والقهر، وهو ما يعنى أن التنظيم لم يكن كما كنا نقدر تنظيما غير قادر على الاستمرار فى التعبئة والحشد لمدة طويلة وبإصرار بالغ.
يبدو تعاظم الإخوان المسلمين كجزء فى المعادلة السياسية المصرية مع ظهور جماعات للعنف السياسى تتناسل وتتكاثر كل يوم مع سياق العنف المتنامى فى البلاد، فهناك عنف استراتيجى وهو العنف القادم من سيناء وجماعة أنصار بيت المقدس، وعنف مناطقى أو محلى يقوم به شباب غير محترفين، لكنهم يرون أن استهداف الشرطة وإثارة القلق فى الشارع هو نوع من الرد المشروع فى مواجهة قمعها، فقد سمعنا عن جماعة «أجناد مصر»، وجماعة أخرى تطلق على نفسها «ولع»، وهنا فإن الإخوان كجماعة كبيرة لا تزال تعلن تأكيدها على سلمية مظاهراتها، وأنها فى خطها الأساسى لن تنجر إلى جاذب العنف، ومن هنا فإنها تبدو بديلا محتملا للدولة المصرية عن تلك الجماعات الجديدة المجهولة، كما أنها تبدو بديلا محتملا للتعامل معها بدلا من انخراط قطاعات كبيرة نحو العنف، فلو أضفنا لذلك أن عنف الإقليم ورذاذه يتطاير علينا فى مصر ويدعم تيار السلفية الجهادية والقاعدة فإن جماعة الإخوان تبدو بديلا محتملا للدولة المصرية عن تعاظم دور السلفية الجهادية فى توجيه وتشكيل سياسات الإقليم، كما أن مخاطر عودة الجهاديين من سوريا إلى بلدان الإقليم العربى وبخاصة السعودية ودول الخليج، وحتى مصر، سيمثل مشكلة بديلها هو وجود تيار إسلامى أقل خطرا وأكثر اعتدالا وتفهما للعملية السياسية، ويمكنها أن يحافظ على وحدة واستقرار الدول العربية ومنها مصر فى مواجهة احتمالات تصاعد تأثير التيارات الجهادية التى أصبحت ذات طابع تكفيرى خطير.
تبدأ فى مصر المعركة الانتخابية الرئاسية، فقد سربت جريدة السياسة الكويتية نبأ ترشح السيسى، وهو وإن كان قد تم نفيه من قبل المتحدث العسكرى إلا أنه يبدو مرجحا بلا ريب، كما أن آخرين يريدون دخول معترك الحلبة التنافسية الرئاسية ومنهم حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وهنا فإن الإخوان فى أى معترك سياسى تنافسى رئاسى سيكون لهم تأثيرهم، بما لهم من قوة أتباع، وقدرة تنظيمية حشدية، وخبرة فى عملية التحالفات والصفقات الانتخابية، لن تكون معركة الانتخابات الرئاسية بعيدة عن تأثير الإخوان حتى لو قالوا إنهم لا يعترفون بها، ومن ثم فإنهم سيظلون جزءا من معادلة السياسة فى مصر.