ماذا لو استجاب مبارك لمظاهرات 25 يناير وغيّر الحكومة وحل البرلمان المزور، وأعلن أنه لن يترشح هو أو أى من أسرته؟ هل كان من الممكن أن يبقى فى السلطة ليدير مرحلة انتقالية يخرج منها خروجا آمنا. لكنه كان من الصعب عليه أن يستجيب
وحتى بالرغم من أنه يعلن أن اتجاها للإطاحة به كان موجوداً، لم يقل لماذا لم يعمل لهذا حساباً وتقديراً، بدلاً من الاعتماد على نظرية المؤامرة، لم يعترف مبارك بأن نظامه كان فقد القدرة على التفاعل وانتهى إلى حالة من التيبس والجمود منعته من تقدير الموقف. وحتى لم يلتفت لتجربة تونس التى سبقته ومثلت جرس إنذار.
سؤال آخر.. ماذا لو رفض مبارك التنحى فى 11 فبراير، وماذا لو انضم الجيش لمبارك فى مواجهة الشعب؟ كان من الممكن أن تقع حرب أهلية واسعة، تخسر فيها مصر الجيش، وتنتهى إلى صراعات، يحسمها الأقوى والأكثر تسلحاً وتنظيماً.
كان يمكن أن تنتهى الأحوال فى مصر إلى النموذج الليبى أو السورى، وفى كل الأحوال تواجه التفكك وتخضع لسيطرة الطرف الأقوى والأكثر تنظيماً.
وبعد تنحى مبارك.. ماذا لو بدأ المجلس العسكرى برئاسة طنطاوى المرحلة الانتقالية بالدستور ثم الرئاسة فالبرلمان أو عين مجلسا رئاسيا على رأسه رئيس المحكمة الدستورية العليا؟ ربما كان يمكن أن تسير المرحلة الانتقالية أكثر هدوءاً، وتنظيماً لتقود إلى نموذج مستقر نسبياً، وتبدأ فى إعادة رسم الصورة.
ربما كان من الممكن أن تظهر سيناريوهات أخرى وأقوال وأفعال أخرى، لكن المشكلة أن التاريخ لا يعرف لو، ولا يعلم لولا، لكنه يسير فى طريقه بناء على تفاعلات الأشخاص والتصرفات. بناء على واقع يفرض نفسه.
وهو ما جرى بالفعل، لكن طرح الأسئلة ممكن ومطلوب، بشرط أن تكون أسئلة حقيقية تعبر عن الواقع، وربما كانت مشكلتنا الأساسية أننا نجيب على أسئلة غير مطروحة، ونطرح أسئلة أخرى قبل أو بعد مواعيدها.
لكن حتى فكرة «لو» نفسها تكررت من قبل فى تجارب وثورات انتهى بعضها للفشل، وبعضها حالفه نجاح، لكنه نجاح تحقق بعد سنوات طويلة ودماء كثيرة. لكن ما يجرى عندنا هو خليط، من استمرار الدولة، مع فقدان الهيبة، وفى محاولة استعادة الهيبة، تصطدم الدولة بالثورة وأحيانا بالقانون، الذى يذهب ضحية لكل هذا.
وطالما لا يوجد فى التاريخ لو، فمن الأولى أن يتعامل النظام أو الشعب مع الأسئلة ليطرحها من جديد. بحثا عن الأسئلة الصحيحة. وليس مجرد «لو».