"لم يُدرِك كثيرون ممن فشِلوا فى حياتهم كم كانوا قريبين من إدراك النجاح حين يئِسوا من الاستمرار فى المحاولة." يقول توماس إديسون. نعم، ففى طريق الحياة كثيرًا ما ينتابنا اليأس الذى يحطم من عزيمة السائرين فيه.
لٰكن تأمل أيها القارئ العزيز: الناجحون فى الحياة هم الذين رفضوا كل معانى اليأس فى حياتهم، وأنار لهم الأمل الطريق. الأمل الذى يحمل فى طِيّاته الثقة: بالله الذى يكافئ كل من له تعب، وبالإمكانات التى ميَّز الله بها كل إنسان.
ماذا لو كان اليأس قد دخل حياة: إديسون، أو أَينشتاين، أو بيتهوڤن، أو هيلين كيلر؟ وغيرهم كثيرون ممن ساروا فى درب شاق وعِر ربما فى فترات لم يكُن فيه رفيق معهم سوى الأمل! فلا تدَع اليأس يتسرب إلى حياتك عندما تلقى الصعوبات، وثِق أن "ربنا موجود"، واعمل بعزيمة وجِد للتغلب على ما تواجهه من مشكلات.
أيضًا فى حياتك اليومية حين تلقى إحدى المشكلات، لا تيأس سريعًا من إيجاد حلول لها؛ فربما عدم يأسك يُساعد آخر غيرك فى سعيه فى طريق حياته.
قرأتُ قصة عن جسر كان يُبنى عند مدخل مدينة "سان فرانسيسكو"، إلا أن العمل كان دائمًا يتعطل ويتوقف لأسباب غير واضحة للمسئولين عن بنائه. وأحد هذه الأسباب كان من العمال البنائين أنفسهم؛ فقد أصابهم الخوف والذعر عندما عرفوا أنه كلما كان يُنفق مليون من الدولارات فى إنشاء الجسر، كان أحد العمال يموت!!
وهنا بدأت الاحتياطات الأمنية اللازمة من قِبل المسئولين؛ فقد زوَّدوا العمال بالمعَدات الآمنة: خَوذات صُلبة، وأحذية لا تنزلق، وأردية واقية، فحوص طبية وغذاء مميز لمنع احتمالات الإصابة بالدَّوار. إلا أنه لم تُجدِ كل تلك الاحتياطات نفْعًا. وكانت تزداد معوِّقات العمل بسبب أفكار العاملين المزعجة: "ماذا لو سقطتُ فى المياه أسفل الجسر ومُتُّ؟"!َ! وما كان يُرسِّخ هٰذا الفكر أن بالفعل كثيرين سقطوا وماتوا، والعدد فى تزايد يومًا بعد يوم.
وظل المسئولون يبحثون عن حل للمشكلة حتى أدرك رئيس المهندسين أن ما كان يُرعِب العمال يكمُن فى خوفهم من السقوط وليست خطورة السقوط. فبدأ يفكر فى طريقة يُعِيد بها الشعور بالأمان إلى العاملين حتى يتلاشى خوفهم وفزعهم. وكانت ثمار تفكيره أنْ شرعت الشركة فى عمل شبكة من الحبال تمتد على طول الجسر، وهى ما لاقت سخرية من البعض! ولٰكنْ كبير المهندسين صمم على استكمالها، وكانت تكلِفة تلك الشبكة 800 ألف دولار. وما أن أقيمت الشبكة إلا وكان خوف العمال من السقوط قد تبدد تمامًا. وهٰذا بدوره أدى إلى تركيزهم على العمل بدلًا من الانشغال بالخوف من السقوط والموت، وهٰكذا بدأ العمل يجرى بسرعة وكفاءة أكبر. ربما لم تتغير نوعية العمل، إلا أنه كانت هناك إجابة للسؤال: "ماذا لو سقطت من على الجسر؟"!!
وفى الحياة تساؤلات ومواقف كثيرة تدور بخُلد كل منا... ماذا لو اعترضتنى عقبات فى طريق الحياة؟ ثِق بالله وبإمكاناتك التى وهبك لك، واستخدِمها لحل ما يعتريك من مشكلات، ولا تيأس؛ فاليأس هو أولى الخطوات نحو الفشل و... وعن الحياة ما زلنا نُبحر...
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسيّ
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ يوسف
رائع كالعادة في كل مقالاتك
قوق
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
شكرًا على المقال الرائع
شكرًا على المقال الرائع
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
مقال رائع يجمع بين العلم والروحانية ولا يوجد تناقض بين الدين والعلم
ننتظر المزيد......