نجح الشيخ زكريا أحمد الذى مرت ذكرى رحيله الـ53 أمس فى الإمساك بالروح القاهرية المتحررة من خلال ألحانه واستثمر تراث البداهة وخفة الظل فى تطوير الموسيقى المصرية الحديثة، ونجح مع سيد درويش ومحمد القصبجى فى خلع الطربوش التركى والإعلان عن النهضة التى أضاءتها ثورة 19، جاء زكريا من منطقة فى الوجدان لا تكفى الدراسة لبلوغها أبدع فيها على محمود ودرويش الحريرى وإبراهيم الفران وغيرهم، ارتبطت فى المقام الأول بفن تلاوة القرآن وتراث المجاورين ممزوجا بالحس الصوفى.
طريقته فى التلحين تبدو سهلة لأنها تستدعى أنغاما منسية داخل الوجدان الجمعى، هو يتكئ على مخزون الحيرة والشجن والبهجة وهو يشخص الكلمات التى بين يديه، لم تكتشف أم كلثوم طفولتها إلا مع ألحانه هى لم تتمتع فى طفولتها بمزايا الطفولة، ألحان الشيخ عوضتها وجعلتها تسترد المناطق الفطرية التى سلبها منها السعى المبكر، مات الشيخ فى أربعين بيرم التونسى الذى حمل معه أشواق مصر الأخرى، رفض أن يغير فى طريقته «هو والقصبجى» مطلع الأربعينيات كما أرادت الست التى كانت تطمح إلى منافسة عبدالوهاب فى السوق، كانت تريد أن تتخلى عن التخت وتريد مقدمة موسيقية وتريد قصائد لشوقى وحافظ وعلى محمود طه، نجح السنباطى فى تحقيق طموحها بعد ذلك، وبقى زكريا مخلصا لطريقته الفريدة فى التلحين، والتى حافظت على روح القاهرة من مغامرات القراصنة، وواصل سيد مكاوى والشيخ إمام وإبراهيم رجب المسيرة، تراجعت هذه المدرسة مع تراجع فن التلاوة وغياب روح الجماعة، وتغير رجل الدين المعاصر.. الذى باتت صورته عنوانا للجهامة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة