أين تعيش الأحزاب السياسية؟.. وكم حزبا فى مصر الآن؟، وما هى وظائف الأحزاب ومساهماتها فى الحياة السياسية؟، وماذا سوف تفعل فى المستقبل القريب أو البعيد؟.. أسئلة من الصعب العثور على إجابة لها فى ظل.. تقريباً كل الأحزاب السياسية القديمة والجديدة غائبة عن المشهد السياسى، ومشغولة بنفسها وصراعاتها فى القاهرة، أو إعلان مواقف من خلال بيانات يتم إرسالها للصحف من دون مواقف أو مؤتمرات أو تحركات، وسوف تجد أغلب الأخبار المنقولة عن أى حزب سياسى غالبا عبارة عن تعليقات فضائية عما يجرى، أو انتخابات ومنافسات على مناصب ومواقع، لكن ما أن تنتهى الصراعات حتى تبدأ صراعات أخرى، أو يدخل الحزب فى بيات سياسى ينفصل فيه عن الواقع.
ولا يمكن لأى مواطن أو مراقب أو ممارس أن يصدق أن مصر بها أكثر من 100 حزب، ليست فى عين العدو، ومن الصعب ذكر أسماء 10 أحزاب منها، وحتى هذه الأحزاب ليست ذات وجود فعلى أو واقعى لكنها أقرب للوجود الافتراضى. وحتى بعيدا عن العدد الضخم للأحزاب، يفترض أن تكون هناك خمسة أو ستة أحزاب ظاهرة لكن هذا لم يحدث.
قبل يناير 2011 كان عندنا 24 حزبا، كانت تشكو طوال الوقت من أنها محاصرة فى مقراتها ممنوعة من الحركة والخروج للجماهير، كان هذا هو ما طرحته الأحزاب التقليدية كالوفد والتجمع والناصرى والعمل وما تبعها من أحزاب بعضها اكتفى بالحصول على التراخيص، ولم يسمع به أحد شيئاً ولا رأى له نشاطا، كان بعضها يساعد الحزب الوطنى وينضم إليه من مقاعد المتفرجين.
وبعد يناير 2011 توالدت الأحزاب وظهرت أحزاب جديدة يفترض أنها تمثل الثورة، لكنها بقيت فى نفس السياق القديم، لكنها ظلت هى الأخرى فى الإطار النظرى، أغلبها لم يغادر الفضائيات أو العاصمة، ولم ينجح فى اجتذاب الطاقات الكبيرة فى المجتمع من الشباب أو الفئات المتحمسة للسياسة، والنتيجة أن هناك زخما فى الشارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، بينما كل هذا لا ينعكس فى عمل سياسى، أو تفاعلات مع الشارع والجمهور.
الأحزاب بالرغم من أعدادها الكبيرة، غير قادرة على تقديم رؤية أو تصور أو برنامج يتفاعل مع ما يطرحه الواقع السياسى والاجتماعى. ثلاث سنوات ظلت فيها الأحزاب تعيش واقعا افتراضياً.