لماذا تأخذنا اللحظة ويستغرقنا الحدث ونتوه فى التفاصيل ونتجاهل الموضوعية ونخاصم النظرة العلمية؟ لماذا نثور بلا سقف كالأمواج الهادرة ثم نهدأ بلا مبرر كالمياه الساكنة؟ لماذا نحب حتى العشق إذا افتتنا بزعيم فنوقع له على بياض وبلا شروط ونكره بلا حدود لحد الإساءة إلى النفس إذا راحت لحظة العشق لسبب موضوعى أو غير موضوعى؟ هل هذا لأننا شعب عاطفى بسيط؟ هل لأننا مجتمع أبوى بطريركى؟ وهل هذا لهذه التركيبة الأقرب للمجتمعات الزراعية ولتجذر ووراثة حالة التدين الشكلى التى تعتمد على الشكل وتختصر فيه وبه الموضوع؟ وهل هذا له علاقة بصورة أو بأخرى بممارساتنا السياسية خاصة فى إطار ممارسة الديمقراطية؟ وهل لا يوجد شبه تعارض بين المجتمع والتربية الأبوية والقبلية والتى تعتمد على الأب وتعظم شيخ القبيلة وأى كبير دينى أو سياسى أو اجتماعى بما يرسخ مبدأ السمع والطاعة بين ذلك وبين القيم العامة للديمقراطية وحرية الاختيار؟ كل هذا وغيره كثير له تأثير على ممارساتنا السياسية بلاشك، ولذا فقد وجدنا فشل التجربة الحزبية الأولى والثانية، قبل 1952 وبعدها وحتى الآن، حيث لم تؤت ثمارها المرجوة فى كيفية المشاركة السياسية على أسس وأجندات حزبية وسياسية لا على مواقف خاصة وتحقيق مصالح ذاتية، ولذا كان من الطبيعى أن نجد فكرة التحركات السياسية تأخذ طريقها إلى أرض الواقع وكان ذلك مع حركة كفاية 2004، ثم حركة 6 إبريل عام 2008 مرورا باللجنة الوطنية للتغيير ومئات الحركات الشبابية بعد 25 يناير، ومنها حركات لشباب الأقباط تحت اسم طائفى «أقباط ماسبيرو - أقباط متحدون» إلى الوصول لحركة تمرد 2013، ولأننا نتأثر كثيراً بما جاء بمقدمة المقال، فقد وجدنا أن هذه الحركات تصل إلى سقف مرتفع بلا حدود ثم تهبط إى أسفل السافلين، وجدنا فى البداية زخما جماهيريا بلا حدود انتهى إلى تجاهل يصل إلى حد الاتهام بالخيانة والتمويل الخارجى، وجدنا اهتماماً إعلامياً غير مسبوق أسقط المهنية وقنن الانحياز فذهب بشباب وقيادات هذه الحركات إلى طريق الغرور والافتتان الذاتى النرجسى فكان جرثوم الشقاق والخلاف والتفتت والتشرذم بديلاً للتوحد والتجمع، فاندثرت كفاية بعد تجاوز شعاراتها فى 25 يناير، وانشقت 6 إبريل إلى حركات بدلاً من حركة واحدة تخون كل حركة الحركات الأخرى، وانتهت فكرة تمرد بعد 30 يونيو لأنها فكرة جمعت المصريين وعبرت عما بداخلهم تجاه حكم الإخوان ولم ولن تكون حزبا يملك رؤية أو أجندة سياسية، فالملايين كانت حول الفكرة وليس الأجندة ولا الأشخاص ولكن الذاتية جعلت هؤلاء الأشخاص يتصارعون فيما بينهم حول كعكة السلطة ونحو بريق الإعلام فانقسموا كأشخاص وليس كحركة أو تنظيم أو حزب لأنهم ليسوا كذلك، حول من يساندون من مرشحى الرئاسة، إذن كانت تلك الحركات وهذه التنظيمات تعبيرا عن اللحظة وإفرازاً للضرورة ونتاجا للتركيبة العاطفية للمصريين ولطريقة تناولهم للسياسة ولأسلوبهم الخاص فى المشاركة السياسية، فالإيمان بهذه الحركات عاطفى شكلى، وهنا يمكن أن نستخلص بعض الأشياء التى يجب أن نضعها فى الاعتبار فى قابل الأيام أن معظم هذه الحركات قد تصدر واجهتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة من يسمون برموز النخبة الذين أصابهم مرض الإعلام، وذلك بهدف الظهور فى الكادر والحصول على شهادة ناشط أو براءة ثورى حتى يضمن جزءا من أى كعكة لأى نظام، واستعرضوا الأسماء اسما اسما تجدوهم فى كل المواقع وجميع الحركات والندوات والمؤتمرات فى الوقت الذى لا علاقة لهؤلاء لا بالشارع ولا بالجماهير، فهم يعبدون الشفوى ويعشقون النظرى ولا علاقة لهم بالعملى، ولأننا فى ظرف عصيب وظروف استثنائية هل يمكن أن نلتف حول أجندة مصرية وطنية تخرجنا من اللحظة إلى مستقبل مشرق للجميع حتى نتعلم المشاركة السياسية على أسس موضوعية من أجل الجماهير وحباً فى مصر كل المصريين؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة