فى الوقت الذى قام فيه الإرهابيون بتفجير الأتوبيس السياحى فى طابا أمس الأول، كان المصريون على موعد مع تكريم الشاعر الرائد والمجدد أحمد عبدالمعطى حجازى، وفى اللحظة التى قضى فيها أربعة أشخاص نحبهم فى هذا التفجير الخسيس، كنا ننصت إلى قصائد حجازى المترعة بعشق الحياة ونور الأمل!
على تخوم مصر الشرقية ارتكب الإرهابيون جريمتهم الوضيعة، وفى قلب القاهرة الفاطمية ترنم حجازى بالشعر، وبين الصحراء والرمل والبحر تبعثرت أشلاء ضحايا الجهل والتعصب، وفى البيت العتيق للست وسيلة تمايلت الرؤوس والجدران وخشب المنصة افتتانا بقصائد صاحب «مدينة بلا قلب».
فى الظهيرة كان المجرمون يراجعون آخر بنود خطتهم الملعونة عند طابا، وكان الشاعر الكبير فاروق شوشة يترنم بإحدى قصائد نجم الليلة ليتأكد من سلامة صوته الجميل بوصفه من سيقدم الأمسية الخاصة بتكريم حجازى بمناسبة حصوله على جائزة النيل أرفع الجوائز المصرية!
الاضطراب يسود العصابة التى تنفذ المهمة الشيطانية عند الحدود، والأمطار الخفيفة قد تعوق خطتهم المشبوهة، فالوقت يمر والأتوبيس على وشك الوصول، فى حين يطالع حجازى فى بيته بمصر الجديدة بعض القصائد التى سيشدو بها اليوم أمام الجمهور المحب للجمال، العاشق للشعر.
مع اقتراب الموعد المحدد للتفجير تلقى منفذ العملية اتصالاً هاتفيًا من قائده يطمئن فيها على سير الأحوال، ويتأكد من أن التفجير البغيض سيصرع أكبر عدد من السياح أصحاب الحظ السيئ، وفى منزله كان الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبوسنة قد استقر رأيه على القصائد الثلاث لحجازى التى سيلقيها اليوم احتفاء بصاحب «مرثية للعمر الجميل»، كما اطمأن الشاعر الدكتور حسن طلب أيضا على حسن اختياره لإحدى قصائد حجازى التى سيلقيها أمامنا.
فى الوقت الذى تبادل فيه الإرهابيون التهانى لأنهم نجحوا فى قتل أناس أبرياء، كان حجازى البالغ من العمر 79 عامًا – رعى الله أيامه ولياليه – يحتشد بكل طاقاته الجسدية والانفعالية وهو يتغنى بقصيدته الآسرة «مرثية لاعب سيرك»، فنلعن الموت والإرهابيين، ونغنى للحياة ونفرح بحجازى.