ظهور قادة الجيش الإثيوبى فى موقع سد النهضة قبل أيام، والإعلان عن استعدادهم لدفع ثمن أى اعتداء «مصرى طبعا» من دمائهم، يعنى أن الدبلوماسية المصرية التى لم تتحدث عن الخيار العسكرى فى خطابها حتى الآن، نجحت فى جعل الطرف المعتدى متوترا.
الحكومة الإثيوبية رفضت التفاوض، وأقنعت الشعب بأنه على صواب، وتراجعها يعنى انهيار النخبة الحاكمة فى أديس أبابا التى اعتقدت أن السد سيحل مشاكلها الداخلية، وزير الخارجية نبيل فهمى قال للأهرام أمس إن المسؤولية التاريخية للدولتين أمام شعبيهما تفرض على الجانبين التحاور بشفافية، وأن ينطلق هذا الحوار من اقتناع راسخ بأن موارد هذا النهر كافية لسد احتياجات الجميع، وأن تحقيق التنمية فى دولة ما لا ينبغى أن يأتى على حساب دولة أخرى، أما إذا فشلنا وهذا هو الكلام الجديد فى التوصل إلى مثل تلك التفاهمات، وفى أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان، فإن مصر ستجد نفسها أمام وضع يستحيل معه أن تفرط فى أمنها المائى.
كان السد موجودا فى زيارة المشير وفهمى إلى موسكو، وتفهم الروس السلوك المصرى المتحضر مع الأزمة، وبقى تفهم الجهات المانحة، وأتوقع زيارة على المستوى نفسه إلى إيطاليا لتوضيح الصورة التى شوهها الأتراك والقطريون والإسرائيليون، الذين سيتراجعون عندما يتدخل الكبار، وتنحاز البشرية للبديهيات وللقانون، فكرة السد بدأتها أمريكا فى الخمسينيات لخنق مصر، بسبب الروس الذين أطلوا ثانية.. قبل فوات الأوان.