استقالت حكومة الببلاوى، فهل سيأتى الفرج؟ استقالت الحكومة فهل ستنتهى الإضرابات الفئوية؟ استقالت الحكومة، فهل ستنتهى المظاهرات الطلابية لو عادت الجامعات إلى الدراسة؟ استقالت الحكومة، فهل سيتم التوصل إلى علاج لقضية مياه النيل وبناء إثيوبيا لسد النهضة؟ استقالت الحكومة، فهل سيتم وقف جنون الأسعار، استقالت الحكومة، فهل سيتم توفير فرص عمل للعاطلين والخريجين، استقالت الحكومة، فهل سيتم حسم ملف الإرهاب، استقالت الحكومة، فهل سيكون هناك عدالة اجتماعية حقيقية، استقالت الحكومة، فهل سيتم اقتحام كل الملفات المؤجلة لحسمها؟!
هناك عشرات الأسئلة الأخرى التى تضاف إلى الأسئلة السابقة، يتم طرحها مع كل حكومة تذهب، وكل حكومة تجىء، ولأن حجم الإنجازات لم يرق إلى الطموح الكبير، تبقى كل الأسئلة معلقة، ويتجدد معها السخط الشعبى، ولو دققنا فى المسألة كلها، سنجد أن هذا السخط لم يقتصر على حكومة الببلاوى، وإنما هو ممتد من كل الحكومات السابقة منذ نظام مبارك، فالأسئلة التى طرحتها هى فى الحقيقة معلقة فى رقبة حكومات: عاطف صدقى، ثم كمال الجنزورى، فعاطف عبيد، ثم أحمد نظيف، فحكومة عصام شرف، ثم حكومة كمال الجنزورى، فحكومة هشام قنديل، وأخيرا حكومة حازم الببلاوى، وقد يقول قائل إن لكل حكومة من هذه الحكومات إنجازات وإخفاقات، لكن هذا قول يغفل حقيقة ساطعة وهى أن أصل المشكلات ثابت فى الأرض.
لم تكن حكومة الببلاوى استثناء، غير أنها جاءت فى سياق سياسى مختلف، جاءت بعد ثورة 30 يونيو، والطبيعى أن حجم الطموحات يبلغ عنان السماء بعد أى ثورة، حدث هذا بعد ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو، هناك من يقول إنها أول حكومة جاءت وسط تأييد شعبى ناتج عن الثورة، وبالتالى فإن انتقادها يأتى من قوة هذا التأييد لكنها لم ترق إلى مستواه بل فرطت فيه، وإذا كان هذا الرأى صحيحا فى جانب، فإن من يطرحه لا يستكمل باقى القصة، والتى تتأسس على رؤية شاملة للمشهد السياسى، أى الرؤية التى تحكم مصر منذ مرحلة ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وغنى عن القول أن تلك المرحلة لم تبدع بعد رؤيتها السياسية الطموحة، ولم تحكم الثورة خلالها.
تمضى الرؤية السياسية والاقتصادية فى الحكم منذ ثورة 25 يناير على نفس نهج زمن مبارك، هكذا كانت مرحلة حكم المجلس العسكرى، وهكذا كانت مرحلة حكم الإخوان، وهكذا هى المرحلة الحالية، وبناء عليه سيكون من الجائر أن يتم تقييم حكومة الببلاوى بوصفها حكومة ثورية، تعبر بحق عن طموح ثورتين فى العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة.
صحيح أن الحكومة ضمت وزراء هم بحق من أبناء وآباء الثورتين، لكن من قال إن مجرد وجود هؤلاء فى حكومة يضفى عليها طابع الثورية؟ فى أفضل الحالات يعمل هؤلاء على تسيير وزارتهم باستقامة ونزاهة، لكن الرؤية السياسية الشاملة لعمل الحكومة تكون محددة سلفا، وتكون وليدة نهج سياسى يعبر عن طبيعة المرحلة، ولأننا فى مرحلة لم تعبر على صعيد الحكم عن ثورتين، فالأوفق أن نقيم حكومة الببلاوى على هذه القاعدة، ونحسب ما لها وما عليها طبقا لذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة