حالة من الحيرة تنتابنى وأنا أتناول ظاهرة كهذه، مصرى «يبهر العالم» خارج مصر، بينما مصر لا تكاد تعرفه، يعرفه فحسب أهل الاختصاص ويبجلونه ويحترمونه، وما أن يسمعوا اسمه حتى ترى وجوههم وقد أشرقت، مؤكدين على أن «مصر ولادة».
رجل يتصدر أغلفة المجلات الاقتصادية العالمية، ويحقق أرباحاً فى شركته الإقليمية تعادل ميزانية دولة، إنه نور سليمان ذلك الرجل الذى يشغل منصب المدير التنفيذى لشركة (dhl) العالمية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ذلك الرجل الذى لم أعرف أنه مصرى إلا بالصدفة البحتة، وحينما أحاول أن أستزيد فى المعرفة به تحيرت أكثر: هل من المجدى أن نطالب مثل هذا الرجل بالرجوع إلى مصر والعمل بها، لعله يسهم فى نهضتنا المرجوة؟ أن نتركه كما هو فى مجاله وشركته ليحقق نجاحاتها، ولتستفيد من خبرته، لعله يثبت أن مصر فعلا «ولادة» ويغسل سمعة مصر التى نمرمغها كل يوم فى التراب؟
فى عام واحد بلغت أرباح شركته أكثر من 27 بليون دولار، لكن ذلك لم يأت من فراغ، لكنه أتى بعد خطة طموحة وضعها لنفسه، وبنية تحتية عميقة استثمر فيها ملايين الدولارات يحقق النجاح المأمول، وهو بالفعل ما انعكس على نشاط شركته التى تستحوذ على 40% من حجم سوق النقل فى العالم، والتى يدير منطقة من أهم مناطقها استراتيجياً، وبفضل هذا التوجه ارتفع سعر السهم فى شركته فى السنوات الثلاث الأخيرة بمقدار 300%، واحتل المركز الأول فى قائمة لوجستك مديل إيست كأهم شخصية فى مجال النقل فى الشرق الأوسط وأفريقيا. والأهم من هذا هو ورود اسمه فى قائمة الفوربس العالمية ضمن أهم 100 شخصية اقتصادية عالمية، محتلا الترتيب رقم 24 من أهم وأكبر العقول الاقتصادية فى العالم. فى المرحلة المقبلة تعتزم مصر الدخول إلى عالم الدعم اللوجستى وصناعة النقل الثقيلة، كما تعتزم أن تفتتح مشروع قناة السويس الذى نعول عليه كثيرا فى تنمية سيناء والقناة، وإحداث نهضة حقيقية فى الصناعات الاستراتيجية واللوجستية، فهل من الممكن أن تستفيد مصر من خبرة عالمية كبيرة كابنها «نور سليمان»؟!