لست من الحالمين بأن يصبح الملعب السياسى ميدانا لأخلاق الفرسان ولا قطعة من الجنة ولا حيا متكاملا فى المدينة الفاضلة، لكنى أؤمن بأن لـ«السياسة حدود» وأن الدولة التى لا تحرص على ضبط إيقاع الحياة السياسية تغرق فى المهاترات الهدامة وتصبح مرتعا للإشاعات المضللة والتزييفات الضالة، وهو ما ينعكس بالسلب على أوجه نشاط الدولة وعوامل بنائها، فلا اقتصاد ينمو ولا تعليم يزدهر، ولا أمان يحل، وبما أننا على وشك الدخول فى معركة انتخابية حامية عقب فتح الباب لانتخابات رئاسة الجمهورية فيجب علينا هنا أن نحذر من تفشى حالة التعصب الأعمى للمرشحين، فبعض الحملات الانتخابية ترتكب من التجوازات ما يجعلها تقع تحت طائلة القانون، لكن فى ظل غياب الدولة يصبح المجتمع فريسة للمتطرفين من أنصار المرشحين وهو ما يسيد مبدأ الخداع الجماهيرى ويصبح المرشح الفائز هو الأقدر على الخداع وليس الأجدر بالمنصب.
لدينا مثال حى على تلك الآفة المخربة التى انتشرت فى مجتمعنا بعد يناير 2011 وهذا المثل يتجسد فى فوز مرشح الإخوان «محمد مرسى» فى انتخابات الرئاسة التى أقيمت فى 2012 فتسابق المرشحون فى الكذب والتهويل وإلصاق كل الصفات الحسنة بأنفسهم والصفات السيئة فى خصومهم، فكانت النتيجة الطبيعية هى فوز محمد مرسى الذى تفوق على منافسيه جميعا فى الكذب المتتالى، لتسقط أسطورة أكاذيبه فور تحدثه بالإنجليزية، فيظهر كأفشل تلميذ فى المرحلة الإعدادية وهو الذى كان يدعى أنه عمل سنوات طويلة فى وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا».
الآن مصر تستعد لخوض جولة أخرى من جولات الانتخابات الرئاسية، وللأسف فإنى أرى ذات الأخطاء تتكرر بنفس الآلية ونفس الطريقة، وتقريبا «نفس الوجوه» بعض أنصار المرشحين المحتملين وضعوا مرشحهم فى مصاف الأنبياء، بينما خصومهم يضعون ذات المرشح فى الدرك الأسفل من الشيطنة، وهو ما يعد جريمة تضليل كبرى، فمن المفترض أن يحظى كل مرشح بفرص متساوية فى عرض وجهة نظره وشرحها والدفاع عن نفسه أمام الجمهور، وليس من المفترض أبدا أن تظل حالة التخوين والتكفير والتأثيم على الهوية هكذا، فنقع فى نفس الأخطاء مع مضاعفة ضريبة الخطأ.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة