كتابة الأغانى ليست مهنة سهلة، لأنها تحتاج قوة روحية فى الشخص الذى يكتبها تؤهله لكتابة شىء بسيط، وكلما لامست الكلمات المناطق الفطرية بدون افتعال أو فذلكة، خرجت نقية، وأصبحت عجينة يصنع الملحن الموهوب منها عملا يتفق الناس عليه، فى مصر نماذج فذة استطاعت أن تصنع ذاكرة للغناء الجميل الذى هو ديوان المصريين، منذ بديع وبيرم ورامى، وحتى الأبنودى وحجاب، مرورا بعبد الفتاح مصطفى، ومأمون الشناوى، ومرسى جميل عزيز، وفتحى قورة، ومحمد على أحمد وغيرهم، من الصادقين الذين يحبون الناس، ويسعون إلى الغناء معهم، لا تثقيفهم واستعراض عضلاتهم عليهم، فى مصر الآن أصوات شعرية شابة جميلة، لم يلتفت إليها أحد، لأن وزارة الإعلام غير قادرة على التواصل مع الذائقة الجديدة الطازجة، فى حين أن دور الدولة فى لحظات كهذه، هو حشد كل المواهب الشابة لمواجهة الإرهاب، وحث الناس على الغناء، نعلم أننا نعانى من ندرة فى الملحنين القادرين على ذلك، ولكن إذا فهم أولو الأمر أن صناعة الغناء مرتبطة بالعمران، وهيأت الدولة المناخ الملائم لمبدعيه، ستظهر مفاجآت سارة بكل تأكيد.
فى السنوات الثلاث الأخيرة لم يتفق الناس إلا على خمس أو ست أغنيات، لأننا فشلنا فى اصطياد حيوية الشباب وخياله ولغته الجديدة النافذة، والسبب أن أذن المسؤولين غير موسيقية، الأغنيات الوطنية التى نستدعيها من الماضى كل يوم، عاشت لأن الزمن الذى أنتجت فيه كان كبيرا، وكان الغناء طالعا مع الحلم الوطنى الأكبر.