فى مسألة ما يحدث من قطر من إساءات بالغة تصر عليها ضد مصر، هناك سؤال: ما مصير ومستقبل الذين سافروا إليها لممارسة ما يسمى بـ«المعارضة من الخارج»؟
القضية قديمة متجددة، كل نظام سياسى له معارضون، قلة قليلة تطير إلى الخارج لتقول «ما فى الخمر» لممارسة المعارضة، فى مقابل معارضة تبقى فى الداخل تتحمل مرارته وقسوته، تدفع الثمن فتبقى مرفوعة الرأس.
فى مبررات «معارضى الخارج» أنهم يفرون ليقولوا كلمتهم بدلًا من مطاردتهم واعتقالهم، طبعًا هم لا يتحدثون عن المقابل الذى يتقاضونه، ولهذا السبب لا يأخذ أحد كلامهم مأخذ الجد.. فى تاريخ نضال مصر الوطنى رموز هاجروا، لكنهم كانوا يناضلون من جيوبهم، والزعيم الوطنى محمد فريد، سيد هؤلاء، سافر إلى أوروبا، ولم يترك ميدانًا سياسيًا إلا وذهب إليه ليعرض قضية مصر، ومطلب استقلالها من الاحتلال الإنجليزى، وبالرغم من أنه ورث عن أبيه تركة مالية كبيرة، فإنه أنفقها من أجل قضيته، حتى مات فقيرًا فى ألمانيا دون أن تكون بحوزته نفقات إعادة جثمانه، وتحمل تاجر مصرى نفقات شحن الجثمان، وهناك الشاعر بيرم التونسى الذى قررت السلطات الملكية فى مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952 نفيه إلى الخارج، فعاش مشردًا.
أين هؤلاء الذين فروا إلى قطر مما انتهجه «فريد» وغيره؟.. نضال معارضى الخارج المدفوع الثمن لا يسمى نضالا مادام دخل فى الجيوب مال مقابله.. يمكن أن نسميه «إعارة» أو «عقد عمل»، وبالتالى فمن يقدم يتحمل تبعاته، كان عليه أن يحسبها جيدًا فيما يتعلق بماذا بعد نهاية «عقد العمل» أو «الإعارة»، ويحسبها.. هل أشرف له أن يبقى فى الداخل ليعارض ويدفع، أم يفر ويقبض؟
فى حكايات التاريخ من هذا النوع ما حدث بعد زيارة السادات لإسرائيل عام 1977.. المعارضون لهذه الخطوة المفاجئة كانوا أنواعًا، هناك نوع بقى فى الداخل يدفع الثمن اعتقالًا ومطاردة، ونوع هاجر إلى الخارج: العراق، سوريا، ليبيا، لندن، باريس، وأسس بعضهم صحفًا وإذاعات، كانت الحالة مختلفة، فيها استقطاب دولى وإقليمى حاد، كانت الدول العربية ضد نظام السادات، باستثناء السودان، عمان، الأردن، المغرب، واستمر «المهاجرون» فترة، وبعد أن وقّع السادات اتفاقية كامب ديفيد بأشهر أطلق نداءه الشهير: «عودوا فأنتم الطلقاء»، تعهد بعدم ملاحقتهم، لكنه اشترط وقتًا محددًا للعودة، ينتهى بعده مفعول مبادرته، هناك قلة قليلة استجابت، والأغلبية بقيت على حالها.
بالعودة إلى «المهاجرين» لقطر وتركيا، هل يفكرون فيما حدث فى الماضى؟، وهل يفكرون فى أن أسوأ ما فى فعلهم أن ما يسمى بـ«معارضتهم» مربوط فى المبتدأ والمنتهى بنظام الدولة التى تؤويهم؟.. هى توفر لهم المسكن والملبس والمأكل والظهور على شاشات الفضائيات مثل «الجزيرة»، ولأن لا شىء يبقى على حاله فى السياسة وعلاقات الدول، فالمتوقع أن تتغير سياسة النظام الحاكم فى هذه الدولة، وتتقارب مع مصر، فماذا سيكون مصير هؤلاء؟ هل يشغلهم هذا السؤال؟.. المؤكد أنهم ينتظرون مبادرة من نوع «عودوا فأنتم الطلقاء».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيساوى حتى النخاع
لايذيدوكم الا خبالا
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن من الشعب المغيب
الى صاحب تعليق رقم 4