لا أحد يستطيع أن ينكر حق الشعب المصرى أن يرى فى شخص ما القيادة التى يأملها والزعامة التى يبحث عنها، وأن يتصور الشعب أنه الشخص الوحيد الذى يصلح أن يكون رئيسا، فقد أثبت للشعب بمواقفه انحيازه الكامل له وشعر الشعب بكاريزماته المقنعة فى خطاباته لهم. ونعلم جميعا أن هذا الشعب مكث حوالى ثلاث سنوات يبحث عن هذا الزعيم منذ ثورة 25 يناير التى أخذ عليها أنها ثورة بدون قيادة. فلا أتعجب من مشاعر هذا الشعب وإيمانه الجارف بالشخص الذى وجد فيه ما كان يبحث عنه منذ سنوات.
وهذا بالتأكيد لا يمنع أن نبرز بعض النقاط المهمة التى يجب أن تتوافر مع مرشح يستحوذ على كل هذا الحب والاحترام من قبل الشعب، ويجب أن ندرك أنه لا يملك العصا السحرية، وأن البلد يعانى الكثير من المشاكل المعقدة، وأنه استنزف فى الثلاث السنوات الأخيرة، وإعادة بنائه ليس بالأمر الهين، والذى يستلزم تكاتف كل الجهود من ناحية والصبر والتحمل والجلد من ناحية أخرى. ويجب أن نستفيد من أخطاء الماضى وألا تتحول مشاعرنا تجاه شخص إلى مشاعر تضره لا تنفعه، ويجب أن ندرك أن المرشح من الممكن أن يكون شخصا ومن الممكن أن يكون مشروعا، وبأيدينا أن نختار أو نجمع بين الاثنين. والجمع بينهما هو الأفضل والأسلم لهذه المرحلة ولعدم تكرار عبث ما سبق.
وقد تحدثنا عن الشخص ولا أتخيل أنه يحتاج أكثر مما يملك الآن سواء كان من كاريزما أو من التفاف الناس عليه أو من ثقة الناس به وبمواقفه، إذن فيبقى المشروع وأعتقد أن هناك الكثيرين الذين ينتظرونه، يجوز أنهم ليسوا الأغلبية، ولكنهم طبقة متوسطة مثقفة واعية تنظر إلى المستقبل بحذر وترقب وخوف من عودة وجوه وسياسات الماضى القديم، خاصة أن هناك مؤشرات لذلك تكاد تكون مرعبة إذا لم يتم التصدى لها بحزم وفى الوقت المناسب المبكر كلما أمكن ذلك. والمشروع ينقسم إلى برنامج وإلى فريق عمل، برنامج واقعى مطابق للواقع، قابل للتطبيق، يحتوى على إحصائيات ومعلومات حقيقية حتى نستطيع اتخاذ الحلول المناسبة وتحقيق النتائج المرجوة. برنامج لديه خطط زمنية، فمن الضرورى ألا يكون جدولا زمنيا فقط للإنجاز النهائى للمشروع، ولكن جدولا زمنيا لكل خطوة نحو التغيير حتى نرى الأمل واقعا ملموسا يتحرك معنا وبيننا وليس حلما من خيال. لا نريد برنامجا مثاليا نشعر أنه خداع بصرى لإنجاز حصاد أصوات الناخبين، ولكن برنامجا بسيطا مناسبا لتوقعات ومطالب المصريين.
وحتى يتحقق البرنامج لابد من فريق عمل له من الخبرة والكفاءة وحسن السمعة، وأضع خطوطا وخطوطا عريضة تحت كلمة «حسن السمعة» فقد مللنا منافقى كل الأنظمة، وكرهنا المتحولين، فريق رئاسى قادر على تحقيق محتوى البرنامج، جاذب للمواطنين أن ينفذوا توجهاته، راع لمصالح الشعب فى المقام الأول، لا نريد فقط أن نسمع الأسماء البراقة اللامعة التى لا نستطيع أن ننكر خبراتها ولكن نؤمن بأن مصر بها أيضاً من الخبرات والكفاءات المدفونة التى نظن أنه آن الأوان لها أن تسعى فى الأرض تزرع مع سلطة جديدة مؤمنة بأهمية هؤلاء الخبراء والتقنيين فى مجالاتهم. نريد أن نرى القيادات والخبرات الوسطية التى دائما ما يهدر حقها بين الدعوة للاستفادة من خبرات الماضى من ناحية وبين تمكين الشباب الصغير من ناحية والتى أرى أنه لابد أن يجمع بين هذا وذاك. وأستطيع أن أجزم بأنه آن الأوان أن تكون القيادات والكفاءات الوسيطة فى الصدارة فى الحقبة القادمة. وفريق العمل الرئاسى الناجح بالتأكيد سيؤدى إلى مؤسسات دولة ناجحة.
وإذا رجعنا لبنود الدستور الجديد نرى أن مجلس النواب القادم يتحمل الكثير من المسؤولية، ويتقاسم السلطات مع الرئيس والحكومة بجانب التشريعات الجديدة ودوره الرقابى المهم.