يستعد مصاصو الدماء، أشرس الكائنات التى عرفها الإنسان على وجه الأرض، والمعرفون بـ«رجال أعمال مبارك» للعودة إلى مصر بلى الذراع أو بالمفاوضات المتعسفة واستغلال حاجة الدولة إلى السيولة النقدية، للفوز مجددا بشهادة ميلاد جديدة، وفيش وتشبيه وشهادة حسن سير وسلوك تضمن لهم التمتع بأموالهم الحرام التى نهبوها من دماء الشعب المصرى على أرض مصر أو فى منتجعات أوروبا!
بحسب فورين بوليس الأمريكية، يخوض عدد من رجال أعمال مبارك الكبار الذين يطاردهم جهاز الكسب غير المشروع لاستنزافهم المليارات من أموال الدولة إبان امبراطورية المخلوع البائد، يستعدون لجولة مفاوضات جديدة مع الدولة، وكل منهم يجهز حافظة مستندات وعرضا متكاملا للعودة مقابل فتات ما حصل عليه من أموال.
يتطاوس كل كائن من هذه الكائنات المفترسة ويخاطب الحكومة المصرية عبر فريق المحامين الدوليين الذين يحددون له ثغرات القانون وتوقيت انتهاز الفرص، ومقدار الغنائم وحساب الخسائر المحتملة ليعرض قدرا من المال مقابل الملف الخاص به ليعود نظيفا كما ولدته أمه.
وفى عروضهم هذه يمارس مصاصو الدماء كل المهارات التى اكتسبوها فى مشوارهم الطويل من النهب، يراوغون، ويفاصلون ويقدمون أكثر من عرض بحسب التوقيتات التى يدرسونها بعناية، حسين سالم مثلا عرض مليارا و600 مليون دولار مقابل التصالح مع الحكومة والتنازل عن مطالبته بـ4 مليارات دولار، ليس فقط من أجل العودة إلى مصر وإعادة إحكام سيطرته على شرم الشيخ وغيرها من المدن السياحية بسيناء، ولكن من أجل إغلاق قضايا غسل الأموال والتربح دون وجه شرعى - بحسب فورين بوليس - المرفوعة عليه خارج مصر!
هكذا يفكر حسين سالم النموذج الأول لمصاصى الدماء فى عهد مبارك، بل إنه لا يتورع عن تخفيض عرضه فى 2014 إلى 3.6 مليون دولار فقط، لشعوره أنه فى موقف أقوى مما كان عليه فى 2012 عندما كان تسليمه إلى مصر لسجنه 22 عاما على ذمة القضايا المتهم فيها احتمالا قائما!
ومثل حسين سالم هناك كثيرون، يدخلون فى مفاوضات مع الحكومة وأجهزة الدولة ليسجلوا سابقة التفاوض، وبعدها يماطلون ويراوغون ليدفعوا أقل ما يمكن دفعه من الأموال المنهوبة مقابل استعادة حرياتهم وسطوتهم ونفوذهم.
وعلى أجهزة الدولة الراغبة فى إجراء المصالحة الشاملة مع هذه الفئة أن تتفاوض بصلابة ومن منطق قوة وأن تضغط بأكثر من طريقة منها تحريك الدعوات الجنائية فى الخارج لمحاصرتهم، ودفعهم دفعا إلى التسليم بأن ما نهبوه بالتحايل لابد أن يعود إلى أصحابه، حتى ينعموا بلحظة سلام فى حياتهم على الأرض.