كل يوم تقريبا نترقب الاستماع إلى أنباء حوادث الطرق فى مصر ونزيف الدم المجانى للمصريين على أسفلت الطريق فى كل محافظات الجمهورية دون أن نسمع أية تصريحات للحكومة أو عضو فيها يأسف أو يندد أو يدين على الأقل هذه الحوادث التى تودى بحياة عشرات المصريين يوميا، وقد يكون منهم الأب أو الزوج أو الأم أو الابن الذى يحيل حياة الأسرة إلى جحيم وحزن مقيم بسبب فقدان عزيز لهم نتيجة إهمال سائق أو سوء طريق أو تجاهل حكومة.
صرخات الأسر المصرية من حوادث الطرق لا تصل إلى مسامع الحكومة الحالية والحكومات السابقة وكأن القضية لا تعنى وزيرا أو رئيس وزراء وأرواح البشر وخسائر حوادث الطرق المباشرة وغير المباشرة لا تدخل فى دائرة اهتمام الحكومة، فى يوم واحد فقط حصدت حوادث الطرق أرواح حوالى 25 شخصا فى الغردقة وسيناء والصعيد والغربية ولم يهتز ضمير لمسؤول واحد لكل هذا العدد من ضحايا الأسفلت.
القضية خطيرة للغاية وتمثل أحد التحديات الضخمة أمام الحكومة الحالية أيضا، لأن استمرار نزيف الدم المجانى يؤثر مباشرا على الوضع الاقتصادى سواءً من حيث الخسائر البشرية والمادية أو من حيث التأثير على جذب الاستثمارات، لأن الطرق المؤهلة والسليمة وقائدى السيارات المؤهلين والمتعلمين عامل أساسى ومهم فى جذب وتشجيع الاستثمارات لأنها أحد مقومات البنية الأساسية فى أى دولة تسعى لجذب الاستثمارات.
للأسف وبسبب أعداد الضحايا فى حوادث الطرق، أصبحت مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ويبلغ عدد الوفيات الناجمة عنها 12 ألفًا، فيما بلغ عدد المصابين 40 ألفًا فى نهاية عام 2012. والمعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق لكل 10 آلاف مركبة، ما بين 10 و12، لكنه يصل فى مصر إلى 25، أى ضعف المعدل العالمى، وأيضا يبلغ عدد قتلى حوادث الطرق لكل 100 كيلومتر فى مصر 131 قتيلا، فى حين أن المعدل العالمى يتراوح ما بين 4 و20 قتيلًا، أى أن المعدل فى مصر يزيد على 30 ضعف المعدل العالمى، وأيضا فإن مؤشر قسوة الحادث يوضح أن مصر يحدث بها 22 قتيلًا لكل 100 مصاب، فى حين أن المعدل العالمى 3 قتلى لكل 100 مصاب.
هل أرواح البشر تهم الحكومة أم أن التجاهل والإهمال سيبقى سيد الموقف. ما رأى المهندس إبراهيم محلب.