تقول المادة «53» من دستور 2014 «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر» والتمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغوض، هذه هى إحدى المواد فى الدستور التى تمنع التمييز بين مواطن وآخر، فماذا يريد الشيخ برهامى؟ هل أصبحت فتاواه وآراؤه الشخصية ورؤيته الذاتية هى دستور البلاد وقانونها؟ وإذا كان هو وحزبه قد تحالف مع الإخوان لأهداف حزبية ظهرت عندما أعلن عن أنه قد استغفل الجميع فى تمرير ما يريد فى دستور 2012، فهل يكرر الآن المأساة عندما تحالف مع يونيو 2013 وهو وجماعته لا علاقة لهم لا بيناير ولا بيونيو؟ وماذا يقصد بقوله إن غير المسلمين لا يحق لهم الترشح لموقع رئاسة الجمهورية أو الوصول لأى منصب قيادى؟ أليس هذا تمييزا يؤدى إلى الحض على الكراهية التى يعاقب عليها القانون؟ وماذا عن المادة «9» من الدستور: تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز، أما إذا كنت لا تؤمن بما يسمى بدستور حسب معتقداتكم، ولكن هى المواءمة مع المرحلة بهدف التمكين، فهذه تقية مرفوضة وبراجماتية ممقوتة تهدد وحدة الوطن وسلامته، وإذا كنت تستند إلى المادة الثانية «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع» على أن المسلم يميز على غير المسلم، فهذا رأيك، فالمقاصد العليا العظيمة للإسلام تكرم الإنسان كإنسان، أما تفضيل صاحب الدين على صاحب الدين الآخر فهذه عند الله وهو عارفها ومحددها بالإيمان والأعمال التى ترضيه سبحانه وتعالى، ولكن لا يترتب على مخالفة اعتناق الدين أى ميزة سياسية أو اجتماعية بين أبناء الوطن، فهذه يحددها الدستور والقانون ولا تحددها أنت، كما أن رئاسة الجمهورية ليست هى الأمانة الكبرى الآن، فهناك سلطة قضائية وسلطة تشريعية، فلم يعد الرئيس هو الحاكم والوالى والقاضى باسم الدين، نعم هناك مواءمات تجعل غير المسلم لا يفكر فى الترشح للرئاسة لأسباب كثيرة، ولكن هذا غير أن تفتى أنت بهذا، أما جميع المواقع فى الدولة فهى لكل مصرى مؤهل لها بدون تمييز، أنت تتحدث عن الدولة الإسلامية الأولى ونحن فى القرن الواحد والعشرين، كما أن القضية ليست فى تلك الآراء التى تحض على الكراهية وهى كثيرة، ولكن الأهم هى رؤية السيد برهامى ومن معه فى نظرتهم للوطن الذى لا يؤمنون به ولا يعترفون برموزه مثل «العلم والسلام الوطنى»، والأخطر هى العداوة المستحكمة بينهم وبين الشخصية والهوية المصرية التى تكونت عبر حقبات التاريخ، فالمصريون خرجوا فى يونيو للحفاظ على الهوية المصرية، فهل سنعيد المأساة مرة أخرى، خاصة أن السيد برهامى وحزبه يسعون جاهدين للحصول على أغلبية البرلمان، حتى يستحوذوا على الحكومة وسلطة التشريع، وهذا وارد فى ضوء ذلك التشتت الذى تعانى منه الأحزاب السياسية، فهل كتب علينا هذا؟ أم يجب أن يعى الجميع أن الوطن وسلامته وشخصية مصر وهويتها خط أحمر، وهذا يجعلنا نسير سريعا فى طريق التوحد، حتى تكتمل الشرعية الدستورية فى إطار الوحدة التى تؤمن بالوطن وتنتمى إليه، الوحدة التى تؤمن أن مصر هى ملك لكل المصريين دون تفرقة أو تمييز على أسس الدين أو أى شىء آخر، فالدين لله وبين العبد وربه، ولكن الوطن لكل المصريين.