نعرف جميعًا أننا نواجه أزمة مائية مستحكمة، من أكبر خبير إلى أصغر طفل فى المرحلة الابتدائية، بسبب سد النهضة الذى بدأت فى بنائه إثيوبيا، والمقرر أن يحجز خلفه مليارات الأمتار من حصة مصر والسودان.. ونعرف جميعًا أن حصة المياه التى تصلنا من منابع النيل لم تعد تكفى احتياجاتنا من الزراعة والشرب والاستخدامات الأخرى، وأننا نلجأ إلى معالجة مياه الصرف الصحى، والصرف الزراعى لإعادة استخدامها مرة أخرى.
ونعرف أيضًا أننا نواجه تحديًا كبيرًا سياسيًا ودبلوماسيًا، فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبى قد يتطور إلى معركة قضائية دولية تخوضها مصر أمام محكمة العدل الدولية، وغيرها من الجهات المختصة، للحفاظ على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل، ونسمع جميعًا الخطابات الحماسية لمسؤولينا فى الحكومة والجهات السيادية الأخرى المعنية بملف النيل وسد النهضة، من ضرورة مواجهة أى أخطار مائية تهدد مصر، وعدم السماح بتهديد أمننا المائى الذى يعنى تهديد حياة الملايين من المصريين، وأن هناك قرارات وخيارات مصرية قائمة تجاه العدوان على حقوقها المائية.
والحقيقة أننا- حتى هجمة السيول الغاشمة خلال الأيام الماضية فى العديد من محافظات سيناء والقناة والصعيد - كنا مطمئنين تمامًا لتصريحات مسؤولينا عن سد النهضة، وخيارات مصر لمواجهته باعتباره تهديدًا لأمنها المائى، ببساطة لأننا تلقينا هزيمة ساحقة فى معركة السيول البسيطة، تجعلنا نتشاءم من تصريحات أى مسؤول عن استعداداتنا لمواجهة العدوان الإثيوبى على حقوقنا المائية التاريخية!
السيول لم تكن مفاجأة لنا، وهى ظاهرة تحدث كل عام، ومن الممكن تحويلها من ظاهرة مدمرة إلى مصدر للخير والنماء، خصوصًا مع أزمتنا المائية المستحكمة، وهى أيضًا ظاهرة كاشفة إلى أن جميع مسؤولينا عبارة عن ظاهرة صوتية «تلعلع» أمام الميكروفونات وكاميرات الفضائيات، وتختفى ساعة العمل الجاد، والتخطيط السليم.
أيها السادة، إذا كنا نغرق فى «شبر ميه» بسبب سيول الخير، ولا نستطيع توظيفها، حتى لخدمة مخزوننا من المياه الجوفية، فلا أقل من أن تعترفوا بعجزكم، وأن تتخلوا عن مواقع المسؤولية لآخرين أنشط وأقدر على العمل!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة