لا يعلم الإنسان من أى الدروب يأتيه الخير.. فما يحسبه فى بعض الأحيان شرًا مستطيرًا ، قد يحمل له خيرًا كبيرًا في المستقبل.. الحزن على قدر أصابك هو مضيعة كبيرة لوقت ثمين.. لا تقف أمام أوجاعك.. ولا تترك لها العنان كي تعصف بك.. تجاوزها وانتصر عليها .. وانتظر خيرًا يأتيك من ورائها .
أنا لا أدعوك أن تتجاهل أحزانك وتدعها تمر فى حياتك مرور الكرام، العكس هو ما أسعى إليه، تعلم من كل حزن يصيبك شيئًا، وما أكثر الأحزان التى تلم بنا فى هذا البلد الجريح.. حزن أصابك لفراق حبيب، أو حزن أصابك لبعدك عن أهلك وذويك، أو حزن أصابك على سنوات ضاعت من أجل شخص لا يستحق .. وحزن أصابك لأنك لم تصب شيئًا سعيت إليه .. وغيرها من الأحزان في حياتنا .. ضع كل ما تتعلمه جنبا إلى جنب.. ستجد نفسك في النهاية إنسان جديد، لا يكرر أخطاءه .." المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" ، و" قدم الانسان لا توضع في النهر مرتين ".
تأمل جرحك بعمق، اسحب نفسك خارج "البرواز" قليلا، وانظر إلى الصورة وأنت خارجها، نحى مشاعرك جانبًا، ولو لدقائق معدودة، وفكر بعقلك فقط .. حينها ستدرك أبعاد المشهد كاملة على حقيقتها، وسترى ما كان تفكيرك عاجزًا عن إدراكه وأنت داخل " البرواز" .. سترى الحقيقة وحدها منزهة عن كل غرض يأتيك من مشاعر أو أحاسيس تطالبك بغض الطرف عن هذا العيب، وتجاوز ذاك، والقفز فوق هذه المشكلة، وعدم الالتفات إلى هذه النقيصة .. التفكير العقلانى وحده هو من ينقذك من خداع المشاعر.
قد أبدو متجنيًا في هذه الحالة على أصحاب القلوب الرقيقة، وأحسبنى أحدهم، الذين تحركهم مشاعرهم وعواطفهم في معظم قراراتهم دون تفكير جاد وعقلانى يزن الأمور من جميع جوانبها، ولكن فى واقع الحال فإن حديثي كله لصالح هؤلاء لعلهم يدركون أنفسهم والباقى من حياتهم قبل فوات الأوان .
لم يعد هناك معنى للتضحية فى عالم تحكمه المادة.. كل شىء صار بحساب.. الورقة والقلم والأرقام هى من تتكلم الآن.. لم يعد للمشاعر قيمة تذكر يا عزيزى.. هى فقط سبب لطيف وراق للدخول إلى بعض العوالم التي تسيطر عليها المادة أيضًا، مثل عالم الزواج، وعالم الصداقة .
الحب كلمة جميلة تحمل في مضمونها معان سامية، ولكنها أبدًا لا تصمد أمام سطوة المادة، فلا تخدع نفسك كثيرا بمقولات تاريخية من قبيل: الحب يصنع المعجزات أو عش العصفورة يقضينا، كلها مقولات تتبخر أمام قسوة الحياة بمطالبها التى لا ترحم.
قليلون بيننا هم من يتقبلون أقدارهم وأرزاقهم ومصائرهم برضا واقتناع، وهم على قناعة بأن الدنيا مجرد وسيلة، مثل أى وسيلة مواصلات تنقلك من عالم إلى آخر.. منا من يركب السيارات الفاخرة، ومنا من يركب سيارات الأجرة، ومنا من يركب المكروباصات، ومنا من يركب مترو الأنفاق، ومنا من يركب أتوبيسات النقل العام.. كل حسب قدرته المادية، ولكن الجميع يصل فى النهاية.. فانظر لنفسك بعد أن تحط رحالك.. بأى حال وأعمال وصلت يا صديقى العزيز؟
" والله غالب على أمره " ..
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed Gamal El-Amry
أكثر من رائعة