أشرف مفيد

"الجنرال" عدو الحضارة

الجمعة، 14 مارس 2014 09:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما كنت فى إحدى زياراتى للنمسا التقيت ببعض خبراء السياحة والآثار وفوجئت بأحدهم يبدأ حديثه معى بسؤال مباشر "هل تعرف هذا الجنرال الذى يتعدى على الآثار ويشوه مظاهر الحضارة المصرية القديمة فى مدينة الأقصر؟".

استوقفنى كلام الرجل الذى عرفت منه أنه أحد علماء المصريات فى جامعة عريقة بالعاصمة النمساوية فيينا، ولم يكن من الصعب أن أفهم من كلامه أنه يقصد بهذا الجنرال اللواء سمير فرج الذى كان فى ذلك الوقت يشغل منصب أول محافظ للأقصر، لأننى كنت أتابع عن كثب تلك المعركة التى خاضها اللواء سمير فرج فى ذلك الوقت ضد الإهمال والتسيب و"الحال المايل"، الذى كان "يعشش" فى كل شبر بالأقصر.

وكنت على يقين أن ما قاله لى الرجل لم يأتِ من فراغ أو مجرد اجتهادات شخصية، وإنما جاء نتيجة حملة منظمة قادها بعض أعداء النجاح فى محاولة فاشلة منهم لتشويه صورة الرجل فى الخارج، فقد أشاعوا لدى وسائل الإعلام الأجنبية أن ما يقوم به الجنرال سمير فرج من مشروع تطوير وإعادة تخطيط للمدينة التاريخية هو مجرد عمليات هدم للآثار واعتداء غاشم على الحضارة، وهو أمر مخالف للواقع ويتنافى مع الحقيقة، فالرجل قام بأكبر مشروع للتطوير من أجل الحفاظ على هيبة وقيمة الآثار التى طالها الإهمال الذى تزايد وتراكم مع مرور السنين.

بهدوء شديد وبتوفيق من الله قمت بتوضيح الحقيقة للرجل وشرحت له كيف أن هذا "الجنرال" القادم من المؤسسة العسكرية حينما ارتدى الزى المدنى قدم لنا فنا راقيا أثناء رئاسته لدار الأوبرا المصرية التى شهدت على يديه أزهى عصورها، حيث تعاقد مع أكبر الفرق الأجنبية المتخصصة فى تقديم الفنون الرفيعة من أوبرا وباليه ورقص مسرحى حديث، وكيف أنه وبحسه الحضارى أعاد لمدينة الأقصر بهائها ورونقها وقيمتها التاريخية فظل إلى آخر يوم له فى هذا المنصب نموذجاً يحتذى به فى العمل بإخلاص ومثالاً للانضباط الذى نشأ عليه وتعلمه من تلك المؤسسة المعروفة بـ"مصنع الرجال".

شرحت للرجل أن هذا "الجنرال" لم يهدم أثراً ولم يشوه أى موقع حضارى بل حاول جاهداً أن يعيد للمدينة التاريخية مكانتها الدولية وأن يضفى على تلك الآثار لمسة جمال ممزوجة بعبق التاريخ.

ولم تكن مهمة تغيير هذا المفهوم الخاطئ عن "الجنرال" صعبة أو مستحيلة، فالحق يقال أن العالم النمساوى كان على استعداد طيب لسماع وجهات النظر المختلفة ومعرفة الرأى والرأى الآخر لأنه وللأسف الشديد ـ وكما عرفت منه ـ أنه كان قد استقى معلوماته "المغلوطة" من بعض التقارير الصحفية التى نشرتها إحدى الصحف العالمية المعنية بشئون التراث العالمى وكان يقف وراء هذا النشر "المسموم" بعض المصريين من أعداء النجاح الذين كان يزعجهم نجاح وتألق اللواء سمير فرج، لأنه كان "يفضحهم" ويكشفهم على حقيقتهم أمام الرأى العام.

إن ما سمعته فى النمسا من هجوم على شخص الدكتور سمير فرج ووصفه بالجنرال "عدو" الحضارة لم يدهشنى على الإطلاق ولم يكن بالأمر المستغرب، فحينما تتغير النفوس وتتحول من النقيض إلى النقيض وتكتسى القلوب باللون الأسود، ويسيطر الحقد والغل والكراهية على عقول البشر، يصبح كل شئ "جائز" ويكون للضعفاء وأصحاب القامات القصيرة دور فى "تحريك" الأشياء إلى أى اتجاه يرغبون.. ويكون "الشرفاء" هم الهدف الرئيسى للسهام التى تنطلق من كل اتجاه.. وساعتها فقط يصبح لكل مخلص يحب هذا الوطن كل الحق فى أن يقول "على الدنيا السلام".








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة