ما لم نمتلك القدرة على تغير ثقافة الوصم المجتمعية فى قضايا كثيرة سوف تبقى كل ارادة للتغير والبناء غير مكتملة وغير متحققة.
أمراضنا الاجتماعية الكثيرة والمتنوعة بحاجة إلى تشخيص صحيح وجرأة اتخاذ قرار بجراحات باترة فإذا أردنا النهضة الصناعية، مثلا، فلن تكون دون تعليم فنى. وإذا أردنا هذا التعليم فلا بد من" بتر" كل الإعاقات التى تحول دون الوصول الى بداية حقيقية وأهم أنواع الإعاقات التى لا بد أن نتخلص منها تغيير النظرة الدونية للتعليم الفنى، حيث تؤكد الدراسات أن 70.% من خريجيه عاطلون، وهذا ليس هو الوجه الأسوأ للمأساه فقط بل هناك وجوه سيئة كثيرة، منها جودة هذا التعليم والميزانيات المخصصة له .
المجتمع وصم التعليم الفنى والدولة لم تعِ أهميته وأهملته والنتيجة اختفاء القوة العاملة المدربة المبدعة لصالح مجتهدين او دخلاء فاقدى العلم والموهبة وبالتالى دخلنا عصر الفهلوة واصبح لدينا ملايين تحمل شهادة جامعية ولا تحمل ما يؤهلها لسوق العمل. ملايين لديها شهادة وليس لديها علم أو تعليم فجلسوا على المقاهى وخسرناهم كجامعيين كما خسرناهم كحرفيين وصناع ومبدعين فى مجالات هى الأكثر أهمية فى الحياة. ورغم كثرة الدراسات والتحذيرات من وصم وإهمال التعليم الفنى بلا أى استجابة ولا أى إدراك من أولى الأمر فى الدولة المصرية، فالنتيجة أننا لا نتقدم خطوة إلى الإمام.
هناك دراسات أكدت أن مناهج التعليم الفنى فى مصر لا تتواكب مع المتطلبات العالمية للعمالة الفنية المدربة، معتبرة أن بعض المناهج الفنية متخلفة وبعضها الآخر آيل للسقوط . عدم تشجيع الدولة للمشرعات الصغيرة والحرفية ينعكس على خريجى التعليم الفنى حتى بلغت نسبة البطالة بين خريجيه إلى 70% بالإضافة إلى وجود آلاف الخريجين لا يجيدون القراءة والكتابة.
إذا أردنا أن نقرأ " فاتحة" التقدم لا بد من تغيير ثقافة المجتمع وتغيير الصورة النمطية لأشياء كثيرة منها التعليم الفنى وبدء التعامل معهم كمنظومة لها أهميتها وكيانها وبتر النظرة للتعليم الفنى بتدن باعتباره تعليم الفقراء أو الفاشلين. بدون تعليم فنى حقيقى ستبقى مصر محلك سر.