هل لاحظت ازدياد معدل انقطاع التيار الكهربائى فى الأيام القليلة، لا فى المحافظات أو المدن البعيدة فحسب، ولا فى أطراف العاصمة المصرية بجلال قدرها، بل فى عمق القاهرة نفسها وبالتحديد فوق كوبرى أكتوبر؟
ليس عندى تفسير لهذا الانقطاع الذى يعكر صفو الملايين من المصريين فى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية إلى آخره.. سوى أن الذين حكموا بلدنا فى العقودة الأخير أهملوا قطاع الكهرباء والطاقة بشكل مخيف، وكانت النتيجة أن حكومة محلب ورثت تركة ثقيلة فى كل المجالات.. والكهرباء واحدة من كوارث تلك التركة الثقيلة!
لا أعرف كيف ستعالج الحكومة هذه المشكلة، ولا أتخيل ماذا تنوى أن تفعل حين يذهب الشتاء ويقبل الصيف بسخونته ولزوجته وشمسه الحارقة، حيث يهرع الناس إلى المراوح والمكيفات، لكنى موقن تماماً أن السياسة اختيار، وأن انحيازات السلطة الحاكمة هى التى تفسر لنا ما نلمسه ونراه فى الشارع، فإذا كانت هذه السلطة منحازة لملايين البسطاء تبدى ذلك فى طرق نظيفة وخبز متوفر وتعليم حديث وحياة لائقة، أما إذا كانت هذه السلطة تقف فى صف الكبار فتتخذ قرارات لزيادة أرباحهم، وتوفر لهم الكهرباء فى قصورهم ومنتجعاتهم وأحيائهم، فاعلم أن حياة البسطاء فى جحيم، وأنهم باتوا أسرى العتمة والفاقة والأيام البائسة.
المحزن أن الحكومات المصرية المتعاقبة لم تسع إلى تخفيف معاناة الشعب، ولم تحاول أن تجعل حياة المصريين مقبولة، بل كانت كل حكومة منذ عهد السادات حتى الآن تسير على نمط سابقتها، محاولة (تحسين) الأداء قليلاً.
أما حكومة محلب فلم يظهر منها حتى الآن ما يشير إلى أنها تسير فى اتجاه يراعى مصالح الملايين من بسطاء هذا الشعب، وإن كان رئيس الوزراء يحاول أن يبدو فى صورة المجتهد الخائف على مصالح الناس، فقد زار عمال المحلة، وامتدح عبدالناصر، وطالب الناس بالتحمل قليلاً، لكن ما أكثر الكلام الطيب، وما أكثر الأنوار المطفأة فى شوارعنا وبيوتنا كذلك!
ترى.. هل تأمل خيراً فى هذه الحكومة؟ تأمل العتمة الليلية.. و«جاوب»!
