سعت الدول المتقدمة منذ عقود طويلة إلى وضع الإنسان فى بؤرة اهتمامها القصوى، لكونه أساس التقدم، فى شتى مجالات الحياة، فأنشأت له نظامًا تأمينيًا يجعله مطمئنًا على رعايته الصحية، دون خوف من تقلبات الحياة فى أوقات الضيق والأزمات.
وأنشأت تلك الدول جهات رقابية تضع معايير عالمية لقياس مستوى الرعاية الصحية المقدمة للفرد، فى ظل نظام تأمين صحى ترعاه شركات تأمين صحى حكومية وخاصة، والكل يخضع لمعايير الجودة دون تهاون من قبل الجهات الرقابية.
لم تكن فكرة التأمين الصحى بعيدة عن التطبيق فى الدول العربية، ولكن تطبيق الفكرة فى مصر يعتريه الكثير من العيوب والمشكلات التى تجعل المؤسسات والأفراد عرضة للحيل والخداع من قبل شركات التأمين الصحى.
يخضع التعامل بين المؤسسات المتعاقدة مع شركات التأمين الصحى لعقود، تم صياغة بنودها بحرفية شديدة، ولكن هذه الحرفية يغيب عنها الشفافية، فعند التطبيق وتفعيل الخدمة، نجد اختلافًا كبيرًا بين ما هو متفق عليه وما هو على أرض الواقع، وأخطر ما فى هذه المنظومة أن شركات التأمين الصحى تُبرم عقودًا مع المؤسسات العلاجية لا يعرف تفاصيلها العميل المُتعاقد على الخدمة الطبية، ويفاجأ عند الاستفادة من الخدمة بكثير من العراقيل التى لا تتطابق وبنود العقد المُبرم مع شركة التأمين.
الفجوة تكمن فى سعى شركات التأمين الصحى إلى الحصول على جذب العميل من خلال وضع أشهر مؤسسات علاجية على قائمة تعاملاتها، من أجل الفوز بالتعاقد، وفى الحقيقة تنظر شركات التأمين الصحى فى مصر إلى تلك الخدمة من منظور الربح وليس تقديم خدمة جليلة بتوفير الرعاية الطبية للمواطن، ولا يمنع ذلك من تحقيق الربح ولكن نضع فى المقام الأول رعاية المواطنين صحيًا، فى ظل معايير طبية عالمية تضعها الجهات الرقابية وتلتزم بها الشركات المقدمة للخدمة دون خداع أو تضليل، فالأصل فى وضع نظم التأمين الصحى هو تقديم رعاية صحية تليق بقيمة الإنسان، وليس السعى وراء الربح.
نحن نطمح إلى عمل نظام تأمينى شامل يغطى فى خدمته كل أفراد الشعب المصرى، الغنى منهم والفقير، يعتمد على مساهمات الأفراد والدعم الحكومى، حتى يصبح المواطن المصرى آمنًا على رعايته صحيًا، وهو ما يستنزف الكثير من دخله فى ظل ارتفاع جنونى للأسعار، وخاصة ما يتعلق بالرعاية الصحية من أدوية، وإقامة وكشف، وإجراء عمليات جراحية بالمؤسسات العلاجية.