حسنا فعل الأستاذ خالد صلاح رئيس التحرير، حين أطلق مبادرته للإفراج عن الطلاب المحبوسين ظلمًا، وما أكثرهم للأسف الشديد بعد 30 يونيو 2013!
لعلك تعلم أن انتهاكات كثيرة تحدث فى فترة الثورة وما يعقبها، فالشعب الذى يُسقط نظامًا فاسدًا مستبدًا جثم على أنفاسه ثلاثة عقود، لا يتلقى الهدوء والديمقراطية فى الحال، بل يظل فى صراع دائم – وغالبًا عنيف – مع قوى النظام الساقط، وبقاياه وخلاياه النائمة والمتيقظة! لذا يظل المجتمع فى حالة غليان حتى ينتصر أحد الفريقين: إما الشعب بطبقاته المقهورة الطامحة إلى الحرية والعدل، وإما النظام القديم بأفكاره البائسة وسياساته الجشعة.. وإنْ بوجوه جديدة!
هذا الصراع العلنى والمكتوم ليس خاصًا بالثورة المصرية وحدها، بل ذاقت عذاباته وأفراحه كل الثورات الكبرى فى العصر الحديث، فالثورة الفرنسية – أشهر وأهم نموذج ثورى – اندلعت فى عام 1789 ضد بطش الملك لويس السادس عشر ونبلائه، ولكن الصراع بين الملكيين والثوريين دام عشرة أعوام كاملة، اختلط فيها الحابل بالنابل، وأصيب الناس بتشويش فكرى لا مثيل له، وتاهت الحقائق فى غبار العنف والاغتيالات والمحاكمات، ونصبت المشانق فاقتيد إلى المقصلة «روبسبيير» الثورى ولويس الملك، فاعترت الحيرة جموع الفرنسيين، وباتوا لا يعرفون من يمثل الثورة، ومن يدافع عن النظام الملكى، وتشكلت أكثر من حكومة وهكذا.. حتى استقرت الأوضاع لصالح الشعب.
الأمر نفسه حدث للثورة الروسية عام 1917 والإيرانية 1979، أى أن الظلم والانتهاكات أمر طبيعى فى مراحل التحول، وواجب كل إنسان الانتباه جيدًا حتى لا يصبح الظلم عادة، والانتهاكات سياسة!
إن الإفراج عن الطلاب المظلومين فورًا سيعزز شعور الناس بأن ثورة 30 يونيو كانت من أجل الحرية والعدل بحق، ولم تكن بهدف القضاء على حكم الإخوان، من أجل إعادة نظام مبارك، خاصة أن رجال الأخير، صاروا لا يستحون من الظهور هنا وهناك، والإدلاء بأحاديث يبرئون فيها أنفسهم من العهد الذى ظلوا يخدمونه عقودًا عدة.