«هناك نكتة عن مسطول راح مطعم وطلب سندوتش طعمية من غير سلطة قوطة، صاحب المطعم كان مسطول قال له: ماعنديش سلطة قوطة أعمله لك من غير سلطة طحينة»، تذكرنا هذه النكتة بما نراه ونسمعه ونتابعه من أحداث سياسية، تشبه السياسة لكنها ليست سياسة، وتتعلق بالأحداث من دون أحداث، وتجعل عدم الحدوث فى حد ذاته حدثا. نقول هذا بمناسبة إعلان سياسيين عن انسحابهم من الترشح قبل أن تبدأ الانتخابات أو يعلنوا ترشحهم. وهو أمر يخلق حالة من التسلية واللت والعجن والنميمة السياسية المتواصلة التى تفتح أبواب التعليقات والأخذ والرد. والهدف منها فى النهاية أن يبقى بعض السياسيين موجودين فى الصورة وموضوعا للتصوير والمؤتمرات والتوكشوهات، من دون سلطة قوطة ولا طحينة.
والموضة بالفعل هى الانسحاب قبل بدء السباق أساسا، فقد أعلن الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق التراجع عن خوض الانتخابات الرئاسية ويبدو أنه نسى أن يعلن ترشحه للانتخابات. وعقد الفريق عنان مؤتمرا مؤثرا أعلن فيه قراره بالتراجع من باب الصالح العام. ويبدو أن فكرة الانسحاب قبل الترشح نجحت بالفعل، ورأينا الأستاذ خالد على المحامى والناشط الحقوقى يعلن عن انسحابه من الانتخابات الرئاسية القادمة والتى لم تبدأ بعد، وبين فى بيان تراجعه أنه يعترض على تأخر صدور قانون الانتخابات الرئاسية، وأخرى بسبب تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات وعدم وجود ضمانات، خالد خاض الانتخابات الرئاسية الماضية فى ظل التحصين، وحصل على عدة آلاف من الأصوات، وظل خلال الشهور الماضية يراوح مكانه ويعلن أنه سوف يعلن موقفه قريبا، وهى إعلانات تجعله فى الصورة السياسية وتفيد ربما أكثر مما لو مارس نشاطه السابق فى العمل الحقوقى.
وقد رأينا فى الانتخابات الرئاسية السابقة، عددا مهولا من المرشحين ممن أعلنوا أو اكتفوا بالإعلان، أو أعلنوا ثم انسحبوا وتراجعوا، وحصلوا على المزيد من الأضواء.
وكما اعتدنا خلال ثلاث سنوات فإن الهدف لكثيرين هو أن يبقوا فى الصورة، ويدلوا بتصريحات، أو يذهبوا إلى المؤتمرات ليبوظوها، ويصنعوا خبرا يتابعه الإعلام. ولم يعد الخبر أن «فلان فعل كذا»، بل «فلان هتف.. علان كسر.. ترتان تشاجر.. فلان تراجع..». والنتيجة أننا أصبحنا نعيش حالة من رد الفعل، والسياسة بدون سلطة قوطة، أو طحينة، أو مرشحين.