رائحة الإحباط التى تفوح فى سماء مصر هذه الأيام تعود بالأساس إلى أن الشعب فقد كثيرًا من الأمل فى تحسين الأحوال، بعد أن كان مدججًا بأحلام وأمنيات عظيمة فى أثناء وبعد ثورة يناير المغدورة.
خمس حكومات مرّت على مصر فى غضون ثلاثة أعوام تقريبًا، وكلها أثبتت فشلها الذريع بشكل أو بآخر، والحكومات، للتذكرة، ترأسها كل من: أحمد شفيق/ عصام شرف/ كمال الجنزورى/ هشام قنديل/ حازم الببلاوى، فلماذا تخفق دومًا كل الحكومات التى جاءت بعد الثورة مثلما أخفقت حكومات قبل الثورة؟
الإجابة واضحة، وهى أن تلك الحكومات لا تتمتع بأى حس ثورى، وأعضاؤها كلهم تقريبًا مجرد موظفين (أحد رؤساء الوزراء كان مدير مكتب وزير سابق/ أى مجرد سكرتير ينظم مواعيد الوزير ومقابلاته ويتابعها)، وبالتالى غاب تمامًا الحس السياسى عن أعضاء هذه الحكومات أو كاد! وأظنك تدرك أن غياب هذا الحس السياسى يحرم صاحب السلطة من التقدير السليم للأمور، وها هى تجربتا مبارك وحكوماته ومرسى وإخوانه تؤكدان جهلهم التام بالشعب ورغباته وأحلامه وغضبه، فخسر الحكام السلطة لأنهم محرومون من الإحساس السياسى!
لا أحد يعرف من الشعب المؤهلات السياسية للوزراء الذين اختارهم رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ولا أحد يعرف التاريخ السياسى النضالى لأى واحد منهم ولا لرئيسهم، فكيف يمكن أن تتخيل أن هذه الوزارة تحديدًا ستختلف عن الوزارات البائسة التى سبقتها؟
إن مشكلة مصر الكبرى تكمن فى أننا حتى هذه اللحظة لم ندرك بعد أن السياسة علم، وأن تغيير المجتمعات إلى الأفضل علم أيضا، وأن تنظيم الشعب فى أحزاب سياسية علم، فلم يذكر لنا التاريخ أن شعبًا مقهورًا مطحونا استطاع أن يسترد حقوقه دون أن ينظم نفسه وطاقاته فى حزب سياسى واضح الأهداف محدد الملامح.
أرجو ألا تظن أننى من دعاة التشاؤم، أو أننى أروج لفقه الإحباط، فهذا غير صحيح بالمرة، وكل ما أريد قوله: إن ثورة يناير–وموجتها الثانية فى يونيو–لن تؤتى أكلها مع وزارة يغيب عنها بشكل فادح أمران: الحس الثورى والحس السياسى!
من فضلك.. تأمل الوزراء الجدد ورئيسهم وسل نفسك: هل يوجد واحد فيهم يتمتع بحس سياسى ثورى؟