القصة وما فيها.. أن سيدة تبنت طفلة، وعندما جاءها الموت أوصت سيدة أخرى بأن تواصل تربية الفتاة والاهتمام بها، وبالفعل حفظت السيدة وصية الأولى، احتضنت البنت ورعتها وربتها مع بناتها وعلمتها بأفضل صورة، القصة فيها رحمة وإنسانية، والسيدتان قدمتا ما تستحقان عليه التحية.
لو كانت هذه قصة عادية لسيدتين تبادلتا تبنى البنت وتربيتها، فسوف تواجه اهتماما وتصفيقا، فكيف يختلف الأمر عندما نعرف أن السيدة الأولى هى تحية كاريوكا، والثانية فيفى عبده؟
فيفى تحولت إلى مرمى لإطلاق النار والاتهامات والتعليقات التى كان بعضها «عنصرى وخارج»، لمجرد تسرب خبر عن أن ناديا رياضيا كرم فيفى عبده ضمن الأمهات اللائى يستحققن التكريم، قامت الدنيا ولم تقعد، ودخل فى إطار التعليقات الجارحة، والهجوم على الراقصة وعلى الرقص، بينما الموضوع يتعلق بالأمومة، ولا مانع أبدا من أن يتخذ البعض موقفا رافضا للرقص، أو لفيفى، لكنهم يتجاهلون أن الأمومة لاعلاقة لها بالمهنة، ولا يعنى أن فيفى كراقصة يمنعها من أن تكون أما رحيمة، تربى أبناءها أفضل تربية وتربى بنتا بوصية امرأة راحلة، سيقولون هناك نساء كثيرات ضحين أكثر منها، لكن هذا لا يمنع من الإشارة لجهد ربما لم تكن مجبرة عليه، كان يمكن أن تنفذ الوصية بأن تضع البنت فى ملجأ، أو تهتم بها بعيدا عن بناتها.
الملاحظ أن أغلب من علقوا فعلوا ذلك دون أن يتوقفوا عند القصة أو حتى يحاولوا البحث وراءها، وهم أنفسهم من يصدرون دائما الحديث عن المساواة، وعدم تعمد الإيذاء النفسى، هم من هاجموا فيفى، تجاوزوا النقد إلى الألفاظ المهينة، وينكرون أنها يمكن أن تكون لها قلب ولها إنسانية.
والمثير أن بعض من هاجموا وشتموا، بعضهم لا يتورع عن استخدام قول السيد المسيح «من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر»، وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام عن امرأة بغى دخلت الجنة فى كلب.. كاد يقتله العطش، إذ رأته بغى من بغايا بنى إسرائيل، فنزعت مُوقها - يعنى خُفَّها - فاستَقت له به، فسَقَته إياه، فغفر لها به.
ليتبن كل واحد ما شاء من أراء، بشرط أن يعامل كل حادث بظروفه، فلتحبوا فيفى أو تكرهوها، أو ترفضوا الرقص والفجاجة، لكن لا تنكروا حقها كأم، وسيدة قدمت فعلا رحيما، والأهم، من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.