أيام ويجوز ساعات قليلة وستعلن لجنة الانتخابات الرئاسية عن الجدول الزمنى الخاص بالإجراءات الانتخابية الرئاسية كأول استحقاق انتخابى بعد إقرار الدستور، وذلك بعد التعديل الذى جرى فى خريطة الطريق، وأرى وجوب استكمال خريطة الطريق كما أعلن عنها حتى لو شهدت بعض التعديلات وفقا للحالة التى تمر بها البلاد، لأن استكمال خريطة الطريق كما ذكرت مسبقا هو الأداة المدنية للقضاء على الإرهاب وبناء الدولة بمؤسسات منتخبة.. أدرك أن الحالة الحرجة التى تمر بها البلاد الآن وسط أطماع قوى خارجية وخيانة قوى داخلية وإرهاب خلايا إخوانية يجعل من الصعب والمستحيل أن تمر هذه المرحلة الانتقالية دون أخطاء، وقد تصل أحيانا إلى انتهاكات، ولكن هناك من الأخطاء والانتهاكات ما يسهل تجنبه وحله، بل الاستمرار فيه يعد نوعا من أنواع الغباء السياسى. فيجب على أقل تقدير أن يهيأ المناخ الصحى لإقامة انتخابات رئاسية، انتخابات نختار فيها رئيسا للبلاد وفقا للدستور المستفتى عليه، أرى أنه حدث جلل لابد أن يخلق من أجله مناخ ديمقراطى حقوقى عادل يتناسب مع هذا الحدث الذى لا ينتظره المصريون وحسب، بل ينتظره العالم أجمع، فهناك العديد من الملفات التى يجب علينا الوقوف عليها واتخاذ اللازم من أجل معالجتها قبل الشروع فى أى انتخابات، حتى يحق لنا أن نشارك بجدية.
- ملف المعتقلين والتعذيب: فلا أرى أنه من المعقول أن تقام انتخابات رئاسية وهناك من الشباب المحكوم عليهم غيابيا بثلاث سنوات حبسا بتهمة الترويج لـ«لا للدستور» حتى لو كانت غير موجودة بالتهم المدرجة فى المحضر، ولكن الحقيقة أن هذا هو فقط ما فعله هؤلاء الشباب، فأنا أعرفهم جيدا وأعرف أنهم ليسوا بلطجية أو إرهابيين أو إخوانا أو ما إلى ذلك من مبررات للعقاب، وشباب المعادى من حزب الدستور والمصرى الاجتماعى الديمقراطى الذين حكم عليهم بسنتين سجنا وهم شباب استخدم حقه فى التظاهر السلمى فقط لا غير، وشباب الإسكندرية المحكوم عليهم بسنتين إثر فوضى حدثت فى جلسة خالد سعيد، وشباب سيحاكمون فى دائرة الإرهاب وهم أبعد ما يكونون عن الإخوان، وفى المقابل نجد أن الشباب الإرهابى بالفعل الذى يتشفى فى قتل جنودنا المصريين الأبرار على صفحات التواصل الاجتماعى حر طليق! لابد أن يحقق فى وقائع التعذيب التى ذكرها الشباب المعتقل وتعلن نتائج التحقيقات ويحاسب المعتدى مهما كان منصبه.
- ملف الإعلام: وضمان حياديته واستقلاله وعدم إلقاء التهم جزافا من خلاله، وعدم اختراق خصوصية الأشخاص حتى لو اختلفنا معهم من خلاله، وضمان حريته، فلا نتهم أحدا فى التشويش، ولكن لابد أن يكون هناك مسؤول تعلن عنه الدولة بعد تحقيقات عاجلة وعادلة واتخاذ إجراءات تبعد الشبهات عنها فى حالة عدم تورطها.
- ملف رجال مبارك: الذين يتخيلون أن 30 يونيو هى فرصة للانتقام ولاستعادة وجوه حرقت بالفعل، ويجب مواجهة ذلك، ليس فقط بالتصريحات، ولكن بالإجراءات الرسمية، وخصوصا لمن تسول له نفسه خرق وحدة الصف والتلاحم الذى حدث بعد 3 يوليو، والذى أرى أن هناك العديد من الضربات التى وجهت له، وإذا لم يتم التصدى لها فسيخسر الجميع ويزداد الانشقاق والانقسام الذى لا يصب إلا فى مصلحة تيار الإخوان الإرهابى.
- ملف الشباب: فقد أحبط الكثيرون بعد خروج معظم الشباب من المواقع الحكومية، منهم من أدى أداء أكثر من رائع بشهادة الجميع، ومنهم من لم يوفق مطلقا، لذلك فالأهم من تمكنهم تأهلهم وإعدادهم واختيار الكفاءة حسب الخبرة، وليس حسب التيار السياسى أو الثورى.
بجانب ضرورة استشارة القوى السياسية والتحاور معها قبل إصدار التشريعات وليس بعدها، حتى نتجنب أى بلبلة قد تؤثر فى دستورية وشرعية خريطة الطريق وضرورة إصدار قانون الانتخابات البرلمانية وعدم تركه للرئيس القادم، والتعامل بمنتهى الحساسية مع أى بيانات دولية تصدر فى حق مصر والتعامل بالندية وليس إعطاء الأمور أكبر من حجمها، فلا أرى أن استدعاء السفراء الأوروبيين من قبل الخارجية المصرية كان موفقا، فكان يكفى بيان للرد على بيانهم، فضلا على اختيار جيد وعاقل لمن يمثل مصر فى المحافل الخارجية الدولية، وخصوصا عندما يكون وفدا سياسيا شعبيا ينسق مع جهات رسمية كالخارجية المصرية، واختيار طرق ممنهجة ومنطقية ومدروسة لعرض المشروعات التنموية التى تتبناها مؤسسات الدولة تظهر النية والهدف، وهو خدمة الشعب فقط لا غير، أو أى اكتشافات أو اختراعات تكون فى مضمونها خيرا وتقدم بعرض هزلى تحط من شأنها وشأن من يقدمها.
لا أعتقد أننى أتحدث عن مستحيلات أو عن أشياء لا يمكننا تجنبها أو عن مشاكل يصعب حلها، ولكن نستطيع أن نواجه كل ذلك بمنتهى السهولة واليسر إذا توفر العقل والمشورة والحكمة والوقوف وتجنب أخطاء الماضى والإرادة السياسية الرشيدة، بالبلدى كده الدنيا لازم تتلم قبل ما تفرط أكتر من كده لأنها لو فرطت أكتر من كده محدش هيعرف يلمها وكلنا هندفع الثمن، فلن نجبر على أن تخيرونا بين ماض وماض، ونحن نريد ونبحث عن المستقبل، وللأسف الشديد هذه المرة لا يوجد بديل، فالقوى السياسية الثورية تصر على التفتت والتمزق، والأجيال القادمة الأصغر أكثر صلابة وعندا ممن سبقوها وبطريقتكم هذه لن تستطيعوا التعامل معهم، فالآن الأمر يختصر فى «نكون أو لا نكون».. اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد.