واضح تماماً أن الحملة التى شنتها أجهزة الأمن على عرب شركس فى القليوبية قطعت الطريق على واحدة أو أكثر من أخطر العمليات الإرهابية التى كان الإرهابيون ينوون تنفيذها خلال أيام، ولا تزال الكثير من التفاصيل والأسرار غائبة عن الرأى العام فى هذه القضية الأخطر، ومن الواضح أن هذا المخزن الذى تمت مهاجمته وتدميره كان واحدا من مخازن وأماكن تخضع لمراقبة وإجراءات أمنية دقيقة من قبل تنظيم بيت المقدس، ومن المؤكد أن الإرهابيين الذين قتلوا أو تم القبض عليهم جزء خطير ومهم من العقول المنفذة والمدبرة، لكن وراءهم أو حولهم أعداد أخرى كانت تقوم بدور الاتصالات والمراقبة. ويبدو أن التنظيم كان يخطط لواحدة من العمليات الكبرى، التى تم إجهاضها.
ويضاعف من خطورة هذا التنظيم ظهور الإرهابيين ذوى الأحزمة الناسفة، وهم من نوعيات تم إعدادها نفسيا وتدريبها عمليا على مستويات عليا تتضمن غسل المخ وتدريبات خاصة، ثم إن كمية الأسلحة والمتفجرات المضبوطة فى الوكر تشير إلى تنظيم ضخم، ومن الصعب توقع أن يكون هذا هو المكان الوحيد للتنظيم. ويتوقع أن تكون هناك مقرات أخرى على نفس المستوى من التجهيز والمراقبة. والتى يبدو أنها توضع داخل الكتل السكنية، ويتم إخضاعها لإجراءات مراقبة دقيقة. ثم إنها تقع فى مربع يقع ضمن نفوذ عصابات سرقة السيارات والسرقة بالإكراه، وربما يكون هناك تعاون بين الجماعات الإرهابية والعصابات المسلحة الجنائية. وبالتالى تأتى أهمية تطهير هذه المناطق من العصابات التى تعزلها عن الحياة العادية وتجعلها خارج نطاق أى سلطة للدولة.
ومن المهم فى الحرب ضد الإرهاب البحث خلف المعلومات، وربطها وتفاصيل العلاقات الداخلية والخارجية لهذه التنظيمات، التى أصبحت تنظيمات إقليمية وربما دولية، تدار بواسطة أجهزة وتمولها دول وأنظمة، توظف هذه الجماعات لتحقيق أهدافها.
وكما أشرنا فإن التنظيمات الإرهابية الحالية، تختلف عن تلك التنظيمات التى عرفناها فى التسعينيات، لكونها تتجاوز الأهداف المحددة لجماعات كانت تتصور أنها قادرة على خطف السلطة، إلى جماعات تعمل ضمن منظومة أوسع وتتداخل وتتقاطع من أنظمة ودول ومصالح دولية وإقليمية.
ربما كان وكر القليوبية هو الأكبر لكنه ليس الوحيد، والأهم أنه يدار بطريقة التنظيمات العنقودية التى لا تعرف بعضها البعض، ومن الصعب أن تكشف بعضها، وهنا يأتى دور المعلومات، التى يمكن أن تفك ألغاز هذه التنظيمات. لتكشف ما وراءها، وليس فقط ما يبدو منها على السطح.