جاء فى سورة التوبة «إن الله يحب المتقين» لأن أهل التقوى هم الذين يؤمنون بالغيب وبالحساب يوم القيامة والقيام بكل ما فرض الله سبحانه وتعالى عليهم وبالتالى فإنهم يحرصون على حسن العمل وإتقانه - والمقصود بالعمل هنا صوره كلها الدينى والدنيوى ولا يفرقون بينها لأن العمل الدنيوى هو فى جوهره دينى لأنه إما ينفع أو يضر وكل عمل له ثواب أو له عقاب - وسيحاسب العبد على الفرائض وعلى المعاملات البشرية كلها لأن الله سبحانه وتعالى عدل «وما ربك بظلام للعبيد» وأهل التقوى يدركون بقلوبهم المحبة لذات الله سبحانه وتعالى ولرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.
إن المعصية حجاب بين العبد وربه لأنها توجد «ران» على القلب فلا يرى الأنوار ولا يدرك الأسرار، فقد قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم «اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله» وأهل التقوى يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا لأنهم بقدر حبهم لربهم ــ ملك الملك سبحانه ــ يخشون أن يقفوا كمذنبين بين يديه يوم العرض عليه، والتقى قد رضى بربه وبما قسمه الله له دون خمول ولا تواكل أكله حلال وشربه حلال، طيب الفؤاد، وخلقه حسن لا يقبل غير الحلال ويرفض الضرر إلى غيره من الناس «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، يحب الرسول عليه الصلاة والسلام ويحب أهل بيته رضى الله عنهم أجمعين والصالحين لأنه متيقن أن المرء يحشر مع من أحب، يعلم التقى ويؤمن بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام «كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلى العظيم، لا إله الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم»، فيهديه الله ويسدد خطاه.