مفهوم «الشراكة».. ينبغى أن يكون عنوان المرحلة المُقبلة، و«كلمة السر» لرسم العلاقة بين الحاكم والشعب الذى لن يعود لمقاعد المتفرجين، ولن تنجح منظومة السلطة دون ظهير شعبى يعينها بالعمل الجاد بدلاً من هؤلاء المتزلفين الذين أراهم يضرون بالحاكم، فمن سمات مراحل التحولات أنها كاشفة وأظهرت للجميع أن أولئك المتملقين بفجاجة عيونهم على «قطعة من الكعكة»، ويشكلون عبئًا معنويًا على الجمهورية الجديدة.
ولعل أبسط قواعد الشراكة أن يكون الغُنم بالغُرم، فمشروع مصر السياسى والحضارى يتطلب «شركاء» يسهمون بما يُمكنهم تقديمه لنجاحه، فالحاكم المُنتظر لا يحمل «عصا موسى» التى ستلتهم كل الأفاعى التى خرجت من جحورها، ولن تنجح مؤسسات الدولة وحدها بمحاصرة التحديات الجسام بدءًا بإقرار الأمن وصولاً لعبور أزمة الاقتصاد، مرورًا بسقف مطالب يرتفع، وهذا الأمر يقتضى مكاشفة الشعب بأبعاد الوضع الراهن، وحين حاول المرشح الرئاسى المحتمل المشير السيسى الإشارة لذلك، استنفر المتربصون قواهم لمهاجمته، لا لشىء سوى أنه سلط بعض الأضواء على جانب ضئيل لسلسلة الأزمات التى تحاصرنا.
ولعل حالة التربص بمشروع نظام لم يزل قيد التشكل، يُمثل «إرهابًا سياسيًا» لا يقل خطورة عن الاغتيالات والتفجيرات، فهذا المناخ المأزوم ليس مثاليًا للشراكة بإدارة الأزمات، فالجميع مسؤولون بدرجات متفاوتة بتهيئة أجواء المزايدات، وممارسات الاغتيال المعنوية لمؤسسات تحتاج تعاون الشركاء لتنفض عن كاهلها تركة ثقيلة من الفساد وسوء الإدارة وغيرها من السلبيات التى تراكمت عبر الأنظمة المتعاقبة منذ 1952 للآن.
ثمة مسألة جوهرية ينبغى أن يُدركها الشركاء «شعبًا وحكامًا» أن نظام الحكم المُرتقب ليس استنساخًا لتجارب سياسية سابقة، فالرئيس القادم لن يكون عبدالناصر ولا السادات ولا مبارك ولا مرسى، لكنه صاحب تجربته الخاصة التى تستلهم مناخًا محليًا وإقليميًا ودوليًا يختلف جذريًا عن تلك الأجواء التى أحاطت بالتجارب السابقة، لأنه يقود «نقلة نوعية» من الأنظمة الشمولية لجمهورية جديدة، عنوانها «شراكة مجتمعية» و«دولة مؤسسات» و«سيادة القانون» وغيرها من العناوين العريضة التى يقتضى تطبيقها على أرض الواقع، التعامل بروح الشريك، وليست تلك الروح العدوانية المُتربصة لتصيد خطأ هنا وقصور هناك، لإرهاب محاولات احتواء أوجاع «مرحلة المخاض» بوصمة مُسبقة التجهيز، لإشاعة روح اليأس وتعميق الاستقطاب الراهن.
أبغض النصائح، لكننى أجدنى مضطرًا للصراخ بوجوه الجميع بأن الأمم لا تتقدم بممارسات الإرهاب الفكرى والبدنى و«شيطنة» مشروع سياسى وحضارى يتطلب جهودًا استثنائية، وأفكارًا مُبدعة، والتواضع كثيرًا سواء بحجم التوقعات أو «تضخم الذات» فمصر مأزومة ولن ينتشلها المنافقون ولا المتربصون ولا المرتعشون، بل اتجاه الإرادة لتجاوز الماضى، وإلا سنظل ندور فى ذات الحلقة المفرغة البغيضة، التى ستقودنا لنتائج وخيمة سيدفع الجميع ثمنها فادحًا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة