الظواهر المزيفة

ما الذى يجعل كل الناس تتحدث فى وقت واحد عن فلان الإعلامى، أو علان المطرب، أو «ترتان» اللاعب؟ وما السر فى أن تحقق أغنية ما رواجًا كبيرًا برغم أنها إلى الابتذال أقرب؟ أو أن يحقق كتاب ما مبيعات طائلة، لكن حين تتصفحه تكتشف أنه لا يستحق نصف طبعة وليس «الطبعة العشرون» كما يقولون؟
الآن.. إذا طالعت أية صحيفة ارتطمت بعينيك صورة هذا الإعلامى أو ذاك اللاعب؟ وإذا جلست أمام القنوات الفضائية طل عليك صاحبنا أو من يتحدث عن صاحبنا.. مرة بالإيجاب.. ومرات بالسلب! وكأن مصر كلها صارت أسيرة هذا «النجم» أو ذااك!
لعلك تعلم أن الظواهر المزيفة أمر مرتبط بمدى وعى الغالبية العظمى من الشعب وثقافتها ومستوى تعليمها، فإذا ارتفع وعى الشعب لا تستمر الظاهرة المزيفة إلا فترة وجيزة، لتنكشف وتذبل، أما إذا كان وعى الشعب منخفضًا، فإن الظاهرة المزيفة تدوم سنة أوسنتين وأحيانًا أكثر.
من أسف، فإننا فى مصر شهدنا تراجعًا مخيفًا للعلم والوعى فى العقود الأخيرة، حتى يمكننا القول بوضوح إنه ما من شعب استطاع أن يثور مرتين بالملايين، ويطرد رئيسين فى ظرف ثلاث سنوات فقط، ثم يخفق فى أن يحقق أحلامه إلا الشعب المصرى، والسبب قلة وعينا، وضحالة خبراتنا فى أمور معرفية كثيرة!
دعنى أذكرك ببعض الأعمال «الإبداعية» التى انتشرت وراجت فترة من الزمن، لكنها اختفت ونسيها الناس لأنها كانت مجرد «موضة» لا تحمل مضمونًا ولا جمالًا.. خذ عندك «الطشت قال لى»، «زحمة يا دنيا زحمة»، «لولاكى»، وروايات إسماعيل ولى الدين.
أما الشخصيات التى كانت ملء السمع والبصر، والتى كانت صورها وكلامها و«إبداعاتها» تطاردنا فى الصباح والمساء، ولما رحلوا لم تمكث أعمالهم فى الأرض.. فخذ عندك موسى صبرى، رئيس تحرير الأخبار/ سمير سرحان، رئيس هيئة الكتاب والمؤلف المسرحى/ عبدالعزيز حمودة، المؤلف المسرحى وأستاذ الأدب الإنجليزى.. والقائمة طويلة.
قد يكون هؤلاء الأشخاص طيبى القلوب، وهم كذلك بالفعل، لكنهم لم يكونوا مبدعين أصلاء برغم شهرتهم الطاغية فى حياتهم، لذا عليك إذن أن تتأمل «نجوم» هذه الأيام، وتتساءل: من منهم يمتلك إبداعًا يخلده بعد غيابه؟