كتبت عن ضرورة إصلاح الإعلام قبل انتخابات الرئاسة والبرلمان، وطريق الإصلاح واضح لا لبس فيه، وهو تطبيق مواد الدستور بإصدار قوانين تحدد صلاحيات مجلس الإعلام الوطنى، وهيئة الصحافة وهيئة الإعلام المرئى والمسموع، لكن للأسف لا توجد إرادة سياسية لتنفيذ الإصلاح المطلوب، لتشكيل الكيانات التنظيمية الثلاثة وتفعيل دورها حتى تستطيع القضاء على فوضى الإعلام وهيمنة رجال الأعمال وسطوة الإعلانات.. سنطالب بتطبيق مواد الدستور الخاصة بتنظيم الإعلام وضمان استقلاله عن الدولة ولن نيأس، وإلى أن تستجيب السلطة المؤقتة لابد أن نتحرك ونفكر خارج الصندوق، وأظن أن الإعلاميين أنفسهم عليهم المبادرة لتنظيم فوضى الإعلام التى تلحق أضرارا بالغة بمصداقيتهم وصورتهم بين الناس، وأعرف أن بعض الإعلاميين مستفيدون من هذه الفوضى، لكن ثقتى أكبر فى أغلبية الإعلاميين ووعيهم الوطنى وحرصهم على احترام المهنية ومواثيق الشرف الإعلامى، فى هذا السياق أظن أن نقابة الصحفيين بقيادة الصديق الإعلامى والباحث المرموق ضياء رشوان قادرة على طرح مبادرة لتنظيم الإعلام، لأنها النقابة الأقدم أو الأخت الكبرى لنقابة العاملين فى الإذاعة والتليفزيون والتى لم تظهر حتى اليوم، وبالتالى فإن المسؤولية الاجتماعية والإعلامية تحتم على نقابة الصحفيين التحرك لتنظيم الإعلام وإنقاذه من نفسه ومن جرثومة التسييس واللا مهنية، على نقابة الصحفيين أن تتحول إلى بيت كبير لكل الإعلاميين يقدم الخبرة والمشورة للجميع ومن منظور الزمالة والمشاركة وليس الوصاية، لذلك اقترح على مجلس نقابة الصحفيين:
أولا: طرح مبادرة لتنظيم الإعلام تبدأ بدعوة رؤساء القنوات ورؤساء تحرير الصحف وعدد من مقدمى البرامج - بعضهم أعضاء فى نقابة الصحفيين - كى يبحثوا معا فى أوضاع الإعلام، ويتفقوا على الملامح العامة للقوانين الخاصة بالمجلس الأعلى للإعلام وهيئة الصحافة وهيئة الإعلام المرئى والمسموع حتى لا يتركوا المجال لترزية القوانين ليضعوا قوانين مقيدة لحرية الإعلام ولا تستوعب خصوصية العمل الإعلامى وتستجيب لمطالب السلطة والسلطان، وكلنا نعرف أن هؤلاء الترزية أساتذة فى القانون وأساتذة أيضا فى صناعة الفرعون.
ثانيا: تقديم نموذج يؤكد من خلاله الإعلاميون مسؤوليتهم الاجتماعية والسياسية تجاه المجتمع من خلال وضع ميثاق شرف إعلامى لتغطية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تلتزم به الصحافة والقنوات العامة والخاصة، ويتفق الموقعون على الميثاق بإيجاد آليات داخل كل صحيفة أو قناة للتثبت من التزام العاملين فيها بمواد هذا الميثاق، ومحاسبة المخالفين.. وأعتقد أن الاتفاق على هذا الميثاق مسألة سهلة وميسورة لأن هناك تجربة الانتخابات الرئاسية السابقة ومهزلة المناظرة التليفزيونية الوحيدة والأخيرة!! كما أن هناك مقترحات كثيرة ومواثيق عربية ودولية يمكن الاستفادة منها، وكلها تدور حول التوازن فى التغطية بين المرشحين، والشفافية والإفصاح عن نصيب كل وسيلة إعلامية من الإنفاق الدعائى لكل مرشح، والتمييز بين تأييد الصحيفة أو القناة لمرشح معين - وهذا حقها - وبين التزامها فى الوقت نفسه بالتغطية الإخبارية المتوازنة للمرشحين، ويدخل ضمن التوازن منح فرص متساوية لكل المرشحين، وعدم الإساءة لأى مرشح بالتعرض لحياته الخاصة أو نشر شائعات أو أكاذيب حول شخصيته وبرنامجه.
إضافة إلى احترام ضوابط نشر توقعات الفوز وعمليات التصويت ونتائج استطلاعات الرأى العام والمناظرات التليفزيونية إذا حصلت.. لكن الأهم من كل بنود ميثاق الشرف هو التطبيق الفعال لميثاق التغطية الإعلامية للانتخابات.. والتزام كل وسيلة إعلامية بنشر ما وقعت فيه من مخالفات أو تجاوزات والإجراءات الداخلية التى اتخذتها بحق الإعلاميين المخالفين.. المهم هو التطبيق فنحن كمصريين أصبحنا ملوك الكلام والاتفاقيات والنصوص البراقة، وأيضا ملوك تجميدها وعدم تنفيذها والتحايل عليها، وتبرير عدم تطبيقها!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة