تواجه جماعة الإخوان مأزق التحولات الإقليمية فى المنطقة، فخلال هذا الأسبوع ستعقد قمة الكويت، وسيكون على رأس القضايا التى تتناولها قمة الكويت السياسات القطرية الراديكالية التى تهدد أمن الخليج والأمن القومى العربى.
السياسات القطرية تجاه الإخوان المسلمين ستكون من بين تلك القضايا، والتى منها مثلا: دعم قطر للحوثيين فى اليمن، ودعم قطر لتنظيم القاعدة فى سوريا والعراق.
ولا يبدو أن قطر، رغم محاولتها إثبات أنها لا تتلقى أوامر من أحد، ستصمد أمام الإصرار السعودى والإماراتى باتخاذ موقف واضح من الإخوان، كما أن تركيا يواجه رئيس وزرائها تحديا كبيرا فى الشارع التركى قبل انتخابات المحليات الحاسمة فى نهاية هذا الشهر، التى ستؤثر بشكل كبير على شعبية حزب العدالة والتنمية، ومن ثم فإن تركيا ومستقبلها لن يكون مرتبطاً بأردوغان الذى يبدو أن مقاليد الأمور تفلت من يده.
ولا يبدو الموقف داخل جماعة الإخوان والتحالف الوطنى مريحاً، فربما لأول مرة تبدو الانقسامات واضحة داخل التحالف، وذلك بعد إعلان القيادى الإخوانى جمال حشمت، أن الجماعة مستعدة للرجوع خطوة إلى الخلف من أجل وحدة الصف الثورى، ومن أجل الحفاظ على مصر من خطر الانقسام الحاصل داخلها.
مجرد أن الرجل أشار إلى ما يمكن اعتباره تجاوزاً لعودة مرسى، إلا وانطلقت الأصوات المتشددة من داخل التحالف تهاجمه، والمثير للدهشة أن الأطراف الصغيرة والهامشية داخل التحالف هى الأكثر احتجاجاً على كلام جمال حشمت، فمثلاً حزب الأصالة، وهو حزب صغير وغير معروف، انطلق يعلن أن الإخوان هم جزء من التحالف وليس لهم أن يقرروا ما يريدون دون الرجوع لقوى التحالف الأخرى، وخطوتهم للخلف لا تعنينا.
بينما رحبت الجماعة الإسلامية بتصريحات جمال حشمت التى أشار فيها إلى خبرة الغنوشى فى تونس، وكيف أنه غلب التشارك على الاستئثار، وغلب المصالح العامة لأمته على مصالح جماعته الخاصة، ولما وجد أن طرح قضية الشريعة ستؤدى لانقسام المجتمع آثر أن لا يطرحها حتى يبقى المجتمع موحداً بلا استقطاب سياسى.
خطوات الجماعة إلى الخلف تأتى فى سياق شعور بأن خططها لمواجهة الدولة المصرية تتهاوى، نعرف فى علم السياسة تكتيك «خطوة إلى الخلف، وخطوة إلى الأمام»، ولكن ذلك فى سياق رؤية واستراتيجية لا يبدو أن الجماعة تملكها، ولكنها تشعر أن أوراقها تحرق، ومن ثم فلا مناص أمامها سوى العودة لمائدة التفاوض.
يتنقل جمال حشمت خارج مصر من مكان إلى مكان، ويبدو أن حيرته وغربته وطوافه يدفعه إلى رؤية واقعية، ربما تحمى ما تبقى للجماعة من وجودها، بيد أن الواقع يشير إلى غياب مركز صناعة القرار فى الجماعة، كما يشير إلى غياب رؤية استراتيجية واضحة للجماعة أو للتحالف الوطنى، دائماً فى العلوم الاجتماعية المقولات المجردة فيه لا تفعل شيئاً وحدها، ولكنها تكون فعالة فى السياق الذى تطرح فيه خطوات الجماعة إلى الخلف دائماً تأتى متأخرة بسبب تغلب المنظور العاطفى والأيديولوجى على تفكير قادتها والفاعلين فيها، ومن ثم لا يمكنهم النظر إلى الواقع بمعطياته كما هى.