يحلو لنا أن نتشدق بالقول «يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال» لكننا فى كل مرة نفشل فى أن نطبق حكمة هذه المقولة الخالدة على أنفسنا، ونرسب فى الامتحان المتكرر، فنتحول من أصحاب مبادئ إلى أصحاب مصالح، ومن أصحاب فكرة إلى أتباع صنم، وبالنسبة لى فإن أزمة سرقة المقال التى اتهم بها باسم يوسف، كانت آخر حلقة فى سلسلة الاختبارات التى أدمنا الرسوب فيها، فقد تناولت كل فئة هذه الواقعة من وجهة نظرها وبما يخدم مصالحها، وتاه الحق فى أفواه المغرضين.
الأزمة تتلخص فى الآتى: باسم يوسف استولى على مجهود كاتب يقال إنه صهيونى، وكان لديه فرصة لتصحيح الخطأ حينما أخبره البعض أن المقال به بعض الارتباك، فعدله فى الموقع الإلكترونى لجريدة الشروق، بما يعنى أن الكاتب أتيحت له فرصة أن يكتشف أنه أغفل ذكر المرجع أو المصدر بمراجعته للفقرات المرتبكة، بما يعنى أن صفة «الجهالة» بذكر المصدر التى ادعى أنها سقطت سهوا منتفية، ثم كانت الطامة الكبرى حينما اكتشف بعض القراء أنه سرق المقال من «بن جودا» فأورد المصدر مدعيا أنه سقط سهوا، ثم تتابعت الاكتشافات بسرقاته أو اقتباساته فتداول العديد من خصوم باسم والمصدومين فيه مقاطع كثيرة مسروقة «بالكادر» من برامج أجنبيه أخرى، وهو ما يؤكد أن عادة الاقتباس أو السرقة أمر «أصيل» فى شخصية باسم!
أتباع باسم ومتعصبوه الذين يفكرون بمنطق القبيلة، تحولوا بسرعة البرق إلى ببغاوات مثلهم مثل أتباع مبارك أو مرسى، حتى باسم نفسه لم ير فى الأمر شيئاً جديراً بالاهتمام، فحاول أن يتهرب من الموقف بالتعامل معه وكأنه «إفيه» دون أن يجد فى تلك الواقعة فرصة ليكاشف نفسه ويعترف بأنه لا يجيد كتابة المقالات، كذلك لم ير خصوم باسم فى هذه الواقعة فرصة ليصححوا هذا الخطأ المأساوى الكبير الذى وقع فيه المجتمع الإعلامى بعد الثورة، حينما أصبح كل ثورى «إعلامى» وكل إعلامى «ثورى» فلا ظفرنا بإعلام حقيقى، ولا ظفرنا بثورة حقيقية.