تحاصرك الإعلانات فى كل مكان، تبشرك بحياة مختلفة عما اعتادته عيناك، مساحات خضراء، ملاعب مكشوفة، نوادٍِ راقية، حمامات سباحة، وحدات علاجية، حراسة دائمة، تعرف أن هذه الإمكانيات ليست إلا «حقوق» إنسانية مهدرة، لكن فى ظل تردى ظروف المعيشة فى المدن المصرية تحلم بأن تكون مصر كلها «كمباوند» لكن سرعان ما تكتشف الخدعة الكبرى فى هذه الحياة الصناعية فتعرف «إن إنت أكيد أكيد فى مصر».
هنا فى مصر، شركات عملاقة تبيع الهواء فى «كمباوند» تغريك بالإعلانات البراقة والتسهيلات غير المعتادة، لكن إذا ما اقتربت فستتأكد أن المواطن المصرى هو الأشد بؤسا فى العالم، فهذه «الكمباوندات» ليست أكثر من مساحات شاسعة من الأراضى التى حصل عليها حفنة من رجال الأعمال بـ«تراب الفلوس» وبالتقسيط المريح على أكثر من 20 سنة، ودورهم لا يتعدى «السمسرة» من يد الدولة إلى يد البنك إلى جيب المواطن، فجميع ما بالكمباوند من خدمات تدفع مقابلها تحت مسميات مختلفة الحراسة والتأمين والخدمات الصحية والترفيهية كلها «من جيبك أنت» فى حين أن كل هذه الخدمات من المفترض أن تقدمها لك الدولة التى تمص دمك فى ضرائب لا تستفيد منها إلا بالفتات، بينما لا تتعدى حصيلة الدولة من الضرائب الشركات العملاقة سوى أقل من 03% .
هواء فى هواء، يحصل رجل الأعمال على قطعة الأرض بـ«الفهلوة» وبالتقسيط على مدد تصل إلى 20 عاما، ثم يحصل على تمويل من بنك حكومى لبناء «الكمباوند» ثم يبدأ فى بيع الوحدات بعد تصميم ماكيت خيالى، إحدى هذه الشركات تبيع الوحدة السكنية التى لا تزيد عن 130 مترا بما يقرب من ثلاثة أرباع مليون جنيه، ثم تفاجأ بأن هذه الشقة لا تزيد مساحتها عن المائة متر إلا قليلاً، بما يعنى أن الكسب الصافى من بيع الوحدة الواحدة يقرب من 700 ألف جنيه، والمدهش حقا أنك تدفع أكثر من ثلاثة أرباع المبلغ أى ما يقارب الـ 600 ألف جنيه قبل أن تتسلم الشقة.
الأرض أرض الشعب، والمال من بنوك الشعب، والمستفيد حفنة من السماسرة، وليس للشعب من يناصره.
نكمل غداً.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير حمدي
صدقت
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سالم
معاك حق والله