حكومة محلب تبذل جهدا كبيرا، رئيس الوزراء لا يكف عن الحركة، والزيارات الميدانية، والوزراء أيضا يسعون لإثبات الوجود، ومع أن حكومة محلب تبدو هى الأكثر حركة، لكنها تبقى ضمن دائرة التشكك. ربما لا يكون هذا ذنب رئيس الوزراء الذى لو كان ظهر فى وقت طبيعى لحظى بالكثير من التأييد. الأزمة تأتى من كون محلب جاء بعد حكومات كانت كلها تبدأ بوعود وتنتهى بفشل أو تقاعس، وكان المواطنون مثل رجل تعرض لعشرات العمليات من النصب، ولما جاءه شخص ليس نصابا تشكك فيه وأخرج كل غضبه.
فالمهندس محلب جاء بعد عدد من الحكومات التى كانت دوما غير متجانسة، ولا قادرة على العمل الجماعى، وعدت وفشلت، ولهذا تلقى الناس محلب بذكريات المخدوع السابق، والأهم أن المطالب تتضاعف فى كل مرة وتتحمل الحكومة الجديدة فشل السابقات.
محلب كان وزيرا نشيطا، لكن عددا من وزرائه كانوا فى حكومة أو حكومات سابقة ولم تكن لهم بصمة، وعلى سبيل المثال، وزيرا الكهرباء والبترول لم يقدما ما يشير إلى أنهما يتفهمان مشكلة الكهرباء، ولم يظهر منهما من يعلن شكل وطبيعة الأزمة، وكيفية حلها، ثم إن المحافظين فى أغلب المحافظات يعملون على قديمه، ولم تظهر لأى منهم بصمات، ولم يمتلكون جرأة مواجهة المخالفات والاعتداء على أراضى الدولة والأراضى الزراعية. لم تظهر إنجازات ضخمة فى المرور والمواصلات والأمن بالشكل الذى يمكن القول عنه يمثل نقلة.
نعلم أن حكومة محلب مؤقتة وانتقالية، مثل كل الحكومات السابقة، وأن المطالب كثيرة وتحتاج إلى أكثر من حكومة، وربما تحتاج لدولة كاملة بأجهزتها وقدراتها، وأن نكون فى حالة طبيعية تسمح بالجدل والأخذ والرد.
كل هذا مفهوم، لكن لا يمنع من القول: إن تغيير المحافظ الفاشل الكسول بواحد نشيط قد يؤدى لتغيير فى الشكل، لكنه فى المضمون لا يمكن أن يؤدى لتحولات كبرى. الأمر يحتاج إلى تغيير الطريقة كلها، وإنهاء مركزية الحكومة، والاعتماد على محافظين ومحليات قوية يمكن محاسبتها، وغير ذلك يظل نجاح وفشل الحكومة مرهونا بشخص أو أشخاص، بينما يفترض أن تكون قائمة على نظام كامل، وهو أمر يتطلب إعادة بناء ربما لا تكون حكومة انتقالية قادرة عليه من دون برلمان ورئيس، ولهذا تبقى حكومة محلب فى طور الشك.