أوشكت منذ أيام أن أغلق حسابى على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر)، نعم الاسم العلمى له ولغيره من المواقع الشبيهة كالفيس بوك وماى سبيس ولينكد إن ومواقع أخرى هو مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن أصبح ما يحدث الآن هو بعيد كل البعد من فكرة التواصل الاجتماعى، وأصبحت السمة الرئيسية لهذه المواقع هى الترصد وانتهاز فرصة أن يقول الشخص رأيا مخالفا للآخر فيستخدم الآخر مرة والشخص نفسه مرة أخرى كل أساليب السب والقذف والاتهام والتخوين، هذا بالإضافة إلى الأفورة فى اصطياد الأخطاء، وكأننا نعيش فى المدينة الفاضلة بين الأنبياء والمرسلين، ولا نعيش كبشر على كوكب الأرض، بالإضافة إلى الأفورة فى الفتى فيما لا نعرفه.
بالتأكيد أنا لا أعمم ذلك على الكل، ولكن هذا الأسلوب أصبح يمثل على الأقل 75% من الأساليب المتبعة على هذه المواقع، فهل هذا هو نتاج طبيعى للثورات المتتالية التى يقوم بها نظام ضد نظام، وخاصة فى مصر التى شهدت ثورتين فى أقل من ثلاث سنوات، فتعددت الأنظمة الساقطة واختلطت الأنظمة الثائرة، فأصبح التقسيم والإستقطاب أمرا طبيعيا، وهل سنظل على هذه الحالة حتى بعد قيام نظام بعينه وانتهاء المراحل الانتقالية المتعددة، صراحة لا أظنها ستنتهى بالساهل، ولكنى أرى أنها أصبحت آفة مجتمعية خطيرة لابد من حلها تدريجياً!
لقد ذكرت مسبقاً فى إحدى كتاباتى أن هناك شعرة بسيطة قد تفصل بين الثورات والانفلات الأخلاقى، فهناك من يظن أن الثورات تعطى الحريات الكاملة للأفراد بما يسمح لهم بالاعتداء على حريات الآخرين مهما اختلفنا معهم ومهما كان هؤلاء ينتمون إلى تيار مختلف، وهذا بالطبع خطأ وجرم جديد، وهنا تقع المسؤولية الأكبر على النظام الذى يدير المراحل الانتقالية بعد الثورات وكيفية تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية وكيفية سيادة القانون خلال هذه المراحل الأصعب من مرحلة الثورة نفسها. وبالطبع أديرت المرحلة الانتقالية الأولى إدارة أقرب إلى الفشل فيها غابت العدالة الانتقالية لفظيا وعمليا، والآفة الكبرى للمرحلة الانتقالية الثانية هى تعميق الاستقطاب وفساد الإعلام مما انعكس على المعاملات الاجتماعية بين الأفراد فى أى مكان.
فالتطور الطبيعى للتخوين وإلقاء التهم جزافا دون أدنى مسؤولية على من يلقيها أو حتى على من يتهم «فهو ليس اتهاماً هو فقط تشويه» وإذاعة مكالمات شخصية للأفراد والتى تعرف إعلامياً بعد 30 يونيو بظاهرة التسريبات على شاشات الإعلام الخاص المملوك لأفراد من نظام بعينه فيوجه كل صاحب قناة شاشته لتحقيق أغراضه وأهدافه هو ما يحدث الآن فى المجتمع الرافض لتقبل اختلاف الآخر.
بعد ثورتين انقسمت الأنظمة فى داخلها إلى نصفين، فالمحسوبون على نظام مبارك منهم من حاول أن يفهم الدرس ويدرك أنه لا عودة للوراء والفساد نهايته سوداء، ومنهم من يصر على نفس الغباء ويعتقد أن ثورة 30 يونيو فرصة لإعادة قبح الماضى.
الثوار أنفسهم انقسموا، ولكن هذا دوما كان حالهم (ولا أعفى نفسى من المسؤولية)، ولكن دوما ما كنت أحذر من ذلك منهم من يحاول الإصلاح بشتى الطرق آملاً أن يشعر المسؤولين بوجوب عدم تكرار أخطاء الماضى ويستخدم آليات جديدة من ضغط إعلامى وسياسى وحوار ونقاش ورفض للقرارات القمعية دون مشاركة تيار الإخوان الفاشى فى مظاهراتهم الهدامة، ومنهم من يرى أنه لا بديل عن ثورة جديدة ويخدم فقط تيار الإخوان باعتقاده أن سقوط نظام حالى دون وجود بديل قوى هو حل فأراه أيضا يعيد أخطاء الماضى كل على طريقته الخاصة. وانقسام حزب الكنبة بين مصدق لما يبثه أغلب وسائل الإعلام من خرافات وبين رافض لها ويصر على إعمال عقله وليس تغييبه، وانقسام تنظيم الإخوان بين مناضلى قطر من على الكيبورد وبين متظاهرين يخربون فى الجامعات ويقتلون جيشا وشرطة (وأنا هنا لا ألقى التهم ولكن معيارى هو أحكام قضائية من جهة وفيديوهات صوت وصورة من جهة أخرى) وبين مشاركين فى انتخابات النقابات كالأطباء والمهندسين.
فأعتقد أنه من الطبيعى أن يصعب تقبل الآخر (بين المختلفين سلميا)، ولكن لابد ألا تستمر هذه الحالة إلى الأبد فيجب أن يكون هناك سيادة للقانون وتطبيق للدستور، وأن يكون هناك قواعد إعلامية وميثاق شرف إعلامى يعاقب كل من يخالفه، وأن يستخدم الإعلام لخلق روح جديدة من المعايشة فكل أطراف المجتمع لهم دور فى انتهاء هذه الحالة من الاستقطاب إعلاما أحزابا مجتمعا مدنيا سلطة أفرادا، فالكل لابد أن يعى أنه من المستحيل أن نتفق 100% ووارد ألا نختلف أيضا 100%، فأنا وأنت شخصان ولسنا واحدا، وإذا أيقنا أن أسمى المبادئ أن نختلف لو حتى مع الكل ونتفق فقط على حب مصر.
وفى النهاية لن أغفل الجانب الإيجابى من هذه المواقع الاجتماعية فى الفترة الراهنة فقد أثبتت أن للرقابة الشعبية دورا كبيرا فى فضح أخطاء الآخرين وإجبارهم على الاعتذار وتقديم مثل لأن الاستخفاف بقدرة هذا الشعب على الفرز هو خطأ أكبر واستهتار من قبل من يظن أنه سيفلت من شعب قادر على فضح المخطئ، ومن جهة أخرى شخصية، فقد كونت صداقات جديدة من تيارات مختلفة عنى كل الاختلاف واتفقنا أن نعمق المشترك ونؤجل المختلف، وإذا اشتد الخلاف يكون الاحترام عنوانا.
نعم إنها صداقات قليلة عدداً ولكنها عظيمة قيمة فلن أتعلم جديدا إلا من صداقات مختلفة عنى حتى أسمع وأرى الجديد، أتقبل منه ما أتقبل وأقنع أو أقتنع بالاختلاف منه وأرفض بكل ود ما لا يشبهنى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
...............
.............
صباح الخير عليكى يا سوسو
عدد الردود 0
بواسطة:
المارد المصرى
ارحمينا
ارحمينا انتى خلاص مالكيش راى 0
عدد الردود 0
بواسطة:
النونو عابدين
فعلا لا يجوز اذاعة التسريبات لأسيادنا الثوار لأنهم فوق القانون
عدد الردود 0
بواسطة:
abdo
رائع
تحياتى
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر الليثي
المفروض ......
عدد الردود 0
بواسطة:
A
لجان إلكترونىة ...... فلووول "من كل لون" ....... هدانا الله